286

Nefsin Hadisinden

من حديث النفس

Yayıncı

دار المنارة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثامنة

Yayın Yılı

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Yayın Yeri

جدة - المملكة العربية السعودية

Türler

ووجدتني قد توفي أبي وأنا لا أزال في الثانوية، وترك أسرة كبيرة وديونًا كثيرة، فوفّى الله الدين وربى الولد وما أحوج إلى أحد، وجعل حياتنا وسطًا ما شكونا يومًا عوزًا ولا عجزنا عن الوصول إلى شيء نحتاج إليه، وما وجدنا يومًا تحت أيدينا مالًا مكنوزًا لا ندري ماذا نصنع به، فكان رزقنا والحمد لله كرزق الطير: تغدو خِماصًا وترجع بِطانًا.
فلم أعد أطلب من المال إلاّ ما يقوم به العيش ويقي الوجهَ ذلَّ الحاجة.
وطلبت متعة الجسد وصرّمت ليالي الشباب أفكر فيها وأضعت أيامه في البحث عن مكانها، وكنت في سكرة الفتوة الأولى لا أكاد أفكر إلا فيها ولا أحن إلاّ إليها، أقرأ من القصص ما يتحدث عنها ومن الشعر ما يشير إليها. ثم كبرت سني وزاد علمي، فذهبت السكرة وصحّت الفكرة، فرأيت أن صاحب الشهوة الذي يسلك إليها كل سبيل كالعطشان الذي يشرب من ماء البحر وكلما ازداد شربًا ازداد عطشًا، ووجدت أن مَن لا يرويه الحلال يقنع به ويصبر عليه لا يرويه الحرام ولو وصل به إلى نساء الأرض جميعًا.
ثم ولّى الشباب بأحلامه وأوهامه، وفترت الرغبة ومات الطلب، فاسترحت وأرحت.
* * *
وقعدت أرى الناس، أسأل: علامَ يركضون؟ وإلامَ يسعون؟ وما ثَم إلاّ السراب!

1 / 305