346

İtikattan Devrime (2): Tevhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Türler

ويمكن تحليل القضايا التي تستخدم فيها أسماء الله التسعة والتسعون بعد قلبها إلى أضدادها ونفيها كمحمولات بنفس الطريقة ولو أنها لا تأتي إلا في قضايا موجبة. ولكن لما كان السلب هو الأصل، فإنه يمكن تحويلها إلى قضايا سالبة. فمثلا الله رحمن رحيم تعني أن الله ليس قاسيا، وأنه ملك تعني أنه ليس مملوكا، وأنه قدوس تعني أنه ليس مدنسا، وأنه سلام تعني أنه ليس حربا، وأنه مؤمن تعني أنه ليس كافرا، وأنه مهيمن تعني أنه ليس مهيمنا عليه، وأنه عزيز تعني أنه ليس ذليلا، وأنه غفار تعني أنه ليس منتقما، وأنه قهار تعني أنه ليس مقهورا، وأنه خالق تعني أنه ليس مخلوقا، وأنه حكم تعني أنه ليس محكوما عليه، وأنه عدل تعني أنه ليس ظالما، وأنه لطيف تعني أنه ليس فظا، وأنه شكور تعني أنه ليس جاحدا، وأنه علي تعني أنه ليس دنيا، وأنه عظيم تعني أنه ليس حقيرا، وأنه كبير تعني أنه ليس صغيرا، وأنه حفيظ تعني أنه ليس ناسيا، وأنه كريم تعني أنه ليس شحا، وأنه رقيب تعني أنه ليس غافلا، وأنه واسع تعني أنه ليس ضيقا، وأنه حكيم تعني أنه ليس متهورا، وأنه ودود تعني أن ليس معاديا، وأنه الحق تعني أنه ليس باطلا، وأنه القوي تعني أنه ليس ضعيفا، وأنه الصمد تعني أنه ليس أجوف، وأنه الجامع تعني أنه ليس المفرق، وأنه غني تعني أنه ليس فقيرا، وأنه النور تعني أنه ليس ظلاما، وأنه الهادي تعني أنه ليس مضلا، وأنه بديع تعني أنه ليس مجدبا أو مقلدا ... إلخ.

63

كل هذه الأسماء المقلوبة مظاهر نقص مثل القسوة والعبودية والدنس والكفر والذل والانتقام والقهر والظلم والفظاظة والجحود والدنية والحقارة والصغار والنسيان والشح والغفلة والضيق والتهور والعداوة والبطلان والضعف والتفرق والفقر والظلام والضلال والجدب أو التقليد ... إلخ. ينفيها الإنسان بعد أن يلصقها بوعيه بالذات المغترب خارج العالم. وفي الوقت الذي يقدر فيه الإنسان على أن يبرئ نفسه من مظاهر النقص هذه ويصبح كاملا رحيما ملكا سلاما مؤمنا مهيمنا عزيزا غفارا خالقا حاكما عدلا لطيفا شكورا عليا عظيما كبيرا حفيظا كريما رقيبا واسعا حكيما ودودا حقا قويا صمدا جامعا غنيا نورا هاديا بديعا ... إلخ فإنه لن ينفي عن الله أضدادها وهي صفات نقصه بعد أن توارت ولم تعد حية في شعره، يتبرأ منها ويبرئ منها وعيه بذاته المدفوع خارجا عنه. لذلك كان موقف الصوفية أصدق بجعل هذه الأسماء الحسنى مثلا عليا يتشبه بها الصوفي حتى يحولها إلى صفاته الخاصة، ويكون التصوف هو التشبيه بصفات الله أو إسقاط صفات الخلق والتشبه بصفات الحق. وتكون غايته تحقيق الإنسان الكامل؛ أي إسقاط الصفات الإنسية والتحلي بالصفات الإلهية. ويبقى الخلاف: هل يتم ذلك بالوهم والخيال أم في الواقع الفعلي؟ هل يتم ذلك بالعاطفة والوجدان أم بالإدراك العقلي لظواهر العالم؟ هل تحققها الأفراد أم الجماعات؟ هل يتحقق ذلك في لحظة الاتحاد أم في التاريخ؟ وهل يتم ذلك في سبيل الفناء أم من أجل البقاء.

64

خاتمة

التوحيد العلمي

توحيد الذات والصفات إذن ليس توحيدا عن طريق إطلاق قضايا موجبة مثل: «الله عالم» أو سالبة «الله ليس جاهلا»، بل هو توحيد عملي عن طريق تحقيق الأوصاف الستة، والصفات السبع، والأسماء التسعة والتسعين في حياة الإنسان الفردية والاجتماعية. فإذا ما تحققت هذه الصفات بالفعل فلن تدخل كمحمولات في قضايا خبرية أو إنشائية يكون «الله» فيها موضوعا؛ لأن الله هو وعي الإنسان بذاته مدفوعا خارج العالم بعيدا عن الإنسان منفصلا عنه متحجرا جامدا مهما حاول الإنسان معاودة الاتصال به عن طريق الصلاة والعبادة والشعائر (الفقه) أو عن طريق الابتهال والدعوة والمناجاة (التصوف) أو عن طريق التأمل والنظر والحكمة (الفلسفة). وقد فرق الفقهاء قديما بين التوحيد النظري وهو توحيد الذات والصفات وبين التوحيد العملي وهو تحقيق الصفات في حياة الأفراد والجماعات.

1

وقد تنبهت إحدى الحركات الإصلاحية الحديثة إلى التوحيد العملي، وجعلت همها إعادة بناء التوحيد الذي هو «حق الله على العبيد»، وليس الذي هو «حق العبيد على الله»، أي أن الله ما زال هو المركز والغاية، والبؤرة والقصد. فإذا كان حق الله على العبيد هو تحقيق الرسالة والدعوة المبلغة وهو كون الإنسان خليفة الله في الأرض فإن حق العبيد على الله هو حقهم في استرداد وعيهم المتحجر خارجا عنهم وأمانتهم على الرسالة وتحقيقها في العالم. علاقة الإنسان بالله علاقة حق متبادل. فإذا كان القدماء وبعض المصلحين المحدثين قد ركزوا على حق الله على الإنسان، فإن موقفنا الحالي يحتم علينا بيان حق الإنسان على الله خاصة في هذا العصر الذي ضاعت فيه حقوق الإنسان وما زالت تضيع.

2

Bilinmeyen sayfa