İtikattan Devrime (2): Tevhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Türler
71
الصفات مجرد حالات شعورية يعبر عنها باسم الفاعل أكثر من كونها وجودا موضوعيا يعبر عنه باسم الفعل. الحال وسط بين الذات والصفة، بين العالم والعلم هناك العالمية، وبين القادر والقدرة هناك القادرية، وبين الحي والحياة هناك الحيية. ومع ذلك يكون الحال أقرب إلى اسم الفاعل منه إلى اسم الفعل، وأقرب إلى الذات منه إلى الموضوع. لا يتجاوز اسم الفاعل إلى إثبات موصوف مشخص أو ذات تكون حاملا له. فإذا لم تكن الصفات مساوية للذات كما هو الحال في نفي الصفات أو في خلقها، وإذا لم تكن زائدة على الذات كما هو الحال في إثبات الصفات أو قدمها، فإنها تكون أحوالا. الحال وسط بين نفي الصفة وإثباتها. الحال ليس هو الذات لأنه حال الذات، ولا هو الصلة لأنه غير مستقل عن الذات وحال لها. الحال مقولة إنسانية خالصة تعبر عن حال الشعور وتكشف عن أصل المسألة فيه. الحال إجابة عن سؤال إنساني صرف: هل العالم قد فارق الجاهل بما علم لنفسه أو لعلة؟ ولما كانت المفارقة ليست لنفسه مع كونها من جنس واحد كما بطل أن تكون المفارقة لا لنفسه ولا لعلة، فإنها تكون لكونه عالما لمعنى ما، والمعنى صفة أو حال. ومن ثم يكون الحال هو أساس المعنى والصفة. يظهر الحال إذن في ثلاثة مواضع: الأول الموصوف الذي يكون موصوفا لنفسه، فاستحق ذلك الوصف لحال كان عليها، والثاني الموصوف بالشيء لمعنى صار مختصا بذلك المعنى لحال، والثالث ما يستحقه لا لنفسه ولا لمعنى فيختص بذلك الوصف دون غيره عنده لحال. فعند اختصاص الشيء للموصوف لا لنفسه لأنه يوجب اختصاصه لجميع العلوم ولا لمعنى والمعنى لمعنى إلى ما لا نهاية ولا لنفسه ولا لمعنى لأنه ليس أولى من غيره يكون اختصاصه لحال.
72
ويستعمل لفظ «الأحوال» دون «الحالات» لأن الأحوال وسط بين الذات والصفات، لا هي نفي لصفات زائدة على الذات، ولا هي إثبات لصفات زائدة على الذات، في حين أن الحالات مجرد أحوال للنفس، أي حالات شعورية لا تفترض ذاتا كمشجب تعلق عليها نفسها. وقد ظهر الحال من قبل كوسط بين الوجود والعدم في نظرية الوجود في المقدمات النظرية. فالحال صفة غير موجودة ولا معدومة كالأجناس والفصول. وإذا كانت هذه القسمة ترجع إلى عاطفة دينية متطهرة، فإن الحال يكون هو المرجع لها. الوجود والعدم كل منهما حال، أي صفة أو حالة شعورية، ليس الوجود فقط هو الوجود الشيئي، بل هو حالة وجود. فالوجود إيجاد، وعملية وجود، والعدم إعدام أو عملية إعدام، وهنا تنتقل نظرية الوجود إلى تحليلات الشعور.
73
ويصعب تعريف الحال تعريفا منطقيا صرفا. ولكن يمكن وصفه بأنه ليس شيئا، ولا يوصف بصفة ما، لا موجودا ولا معدوما، لا يعلم على حاله، ولكن يعلم مع الذات، يوجد حيث توجد صفات الحياة لا صفات الأكوان، فالحال شرط الحياة. ويمكن ضبطه عن طريق القيمة، فمنه ما يعلل ومنه ما لا يعلل، الأول أحكام لمعاني قائمة بالذوات والثاني صفات ليست أحكاما لمعاني لا تعلم بانفرادها ولا تعلم إلا مع الذات. الحال إذن نوع من إثبات حالة خاصة لا هي علم ولا معلوم، لا مجهول ولا معلوم، لا مقدور ولا مراد، حالة شعورية خالصة قبل أن تتحول إلى موضوع وبعد أن تعين الوعي الخالص في إحدى درجاته الأولى.
74
وهو أقرب إلى البداهة إذا فهم على أنه حالة شعورية يتحد فيها الذات والموضوع. فالعلم حالة شعورية للعالم لا هو شخص العالم ولا هو صفة زائدة عليه، وبالتالي يكون الخلاف حول إثبات الأحوال أو نفيها مجرد وهم عقلي.
75
ومع ذلك فقد استعمل كفريق من مثبتي الأحوال ونفاتها حججا عقلية منطقية أو جدلية إما للإثبات أو للنفي. يقوم النفي على عدة حجج منها: أن الأحوال غير معلومة؛ لأن المعلوم شيء والأحوال ليست أشياء. وكيف يمكن معرفة الحال وهو غير معلوم؟ والحقيقة أن الحال إن لم يكن معلوما عقلا ومنطقيا، فإن صاحب الحال يشعر به، فالشعور أحد درجات المعرفة قبل أن يتم تنظيرها عقلا. بل إن الشعور يمتاز بأنه يبقى على الموضوع مع رؤية ماهيته، في حين أن العلم قد يقضي على الموضوع في سبيل التصور. ويقال أيضا إن الأحوال ليست متغايرة لأن التغاير بين الأشياء. فهي ليست معاني ولا مسميات مضبوطة ولا محدودة متميزة عن بعضها البعض، وبالتالي فهي عدم. ولا تكون التسمية إلا شرعية أو لغوية أو اصطلاحية وهي ليست كذلك. الأشياء تختلف وتتماثل لذواتها، أما أسماء الأجناس والأنواع فيرجع عمومها إلى الألفاظ المدلة عليها وكذلك خصوصها والأحوال ليست كذلك. خطأ نفاة الأحوال إذن هو رد العموم والخصوص إلى الألفاظ المجردة، أو الحكم بأن الموجودات تختلف بذواتها ووجودها، وكذلك رد التمييز بين الأنواع إلى الذوات. الاختلاف والاتفاق بين الذوات لا يشترك في شيء مثل الصفة، بل الشيء هو اللفظ الدال على الجنسية والنوعية والعموم، فإذا كانت الأحوال إما مختلفة أو متماثلة فإنها تتسلسل إلى ما لا نهاية لأنها ليست أشياء. وعند الحكم بجواز تماثل المختلفين يلزم كون الرب مماثلا للخلق وهو محال. والحقيقة أن ذلك خلط بين الكم والكيف. فالأحوال كيفيات وليست كميات، والألفاظ مجرد تعبير عنها ولا تشير بالضرورة إلى مسميات. وهي فردية وليست شيئية، وبالتالي لا يمكن معرفة اتفاقها واختلافها إلا بالتعاطف مع الآخرين أو في تجارب جماعية مشتركة. ويقال أيضا إن الأحوال موجودة أو معدومة، قديمة أو محدثة، والوجود ليس بحال. فالحال إما أن يكون موجودا أم لا. فإذا كان موجودا إما أن يكون جوهرا أو عرضا فيتسلسل فوجب أن يكون غير موجود أو عدم ولا واسطة بين الوجود والعدم. والحقيقة أن الحجة تقوم على موقف فلسفي مسبق، وهو رفض الواسطة بين الوجود والعدم، بين النفي والإثبات، في حين أن الحال هو هذه الواسطة، وقد تم حل القضية من قبل في نظرية الوجود. وقد يقال إن الأحوال لا هي ولا غيره، والصفات لا هي ولا غيره، وبالتالي لا يتميز وجودها بشيء. والحقيقة أن الأحوال هي الصلة بين الذات والصفة، بين الأنا والغير، بين الذات والموضوع. الحال هي علاقة الهوية في حالة الحركة الذاتية والتخلق الذاتي. وقد تفند الأحوال برفض العلم النفسي، إذ إن الأحوال عمومات وخصوصات ووجوه عقلية واعتبارات. والحقيقة أن العلم النفسي هو أصل العلم العقلي والعلم الحسي. ففي الشعور يلتقي الذات بالموضوع، والمعرفة بالوجود. وإن نفي الحال لضرورة التمايز بين الأشياء بذواتها يستحيل بعده قياس الغائب على الشاهد، وهو أساس الاستدلال في الفكر الديني، ولا يكفي في ذلك مجرد الاعتماد على الوجوه والاعتبارات العقلية مثل العلة والمعلول والدليل والمدلول؛ لأنها كلها استدلالات صورية لا تعتمد على الحس. وإذا لم يكن هناك فاعل في الحقيقة بل مجرد مكتسب فكيف يمكن قياس الغائب على الشاهد؟ والاعتماد على الإحساس الداخلي هو في النهاية إثبات للحال. ولا يمكن في النهاية فهم الحجج العقلية التي تقوم على القسمة وحصر الاحتمالات وإبطالها جميعا باستثناء المطلوب إثباته إلا بالرجوع إلى التجربة الحسية التي منها نشأت، وهو أيضا طريق لإثبات الحال.
Bilinmeyen sayfa