195

İtikattan Devrime (2): Tevhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Türler

والصابئة أثبتت الروحانيين والهياكل أزلية مدبرة للعالم وسموها أربابا إلا أنهم لم يصفوها بخصائص رب الأرباب. يتوجه دليل التمانع فقط على من يثبت خالقا دون الله، أي صفة الخلق وحدها، إذ إن أخص وصف لله الواحد هي القدرة على الاختراع دون أن يشاركه فيها غيره، ومن أثبت الشركة فقد أثبت إلهين.

69

ومع ذلك فدليل التمانع وصياغاته العديدة لم تقنع المتكلمين ولا الفقهاء، ولخصوها في مسلكين ضعيفين للإثبات: الأول أنه بفرض إلهين تستوي الممكنات ويستحيل الترجيح بلا مرجح، ويمتنع وجود مؤثرين على أثر واحد، فلو أراد أحدهما الحركة لأراد الآخر السكون. فإما أن يحصل مرادهما أو لا يحصل، وكلاهما محال. وإما يحصل مراد أحدهما دون الآخر فيلزم عجزه وبالتالي يكون الأول إلها. ومنشأ الخلط والغلط هو القول بتصور اجتماع إرادتيهما. والثاني أن الطريق الموصل إلى معرفة الباري ليس إلا وجود الحادثات لضرورة افتقارها إلى مرجح ينتهي الأمر عنده وهي لا تدل على أكثر من واحد. وهو أيضا ضعيف لأنه ينفي وجود الاثنين لا وجود الواحد، وضعفه في الحقيقة أنه راجع إلى دليل الحدوث، أي إثبات وجود الله وليس إثبات وحدانية الله.

70

وعند الأشاعرة لا يستقيم دليل التمانع مع أصول القدرية؛ لأن البغداديين منهم يرون أن الصانع ليس بمريد على الحقيقة، وأنه يفعل الفعل لا بإرادة، فكانوا أقرب إلى الثنوية. وأما البصريون فمنهم من يرى أن الله مريد بإرادة حادثة لا في محل وهم بذلك لا ينفصلون عن الثنوية أيضا.

71

لا يستقيم الدليل مع أصول المعتزلة لأن لديهم يقع من العباد ما لا يقع من الرب دون أن يتضمن ذلك الحكم بقصوره نظرا لحرية الأفعال. لذلك رفض شيوخ المعتزلة التمانع في آية:

لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا

نظرا لارتباط الموضوع بخلق الأفعال. وقد حرصت الحركات الإصلاحية الأشعرية في التوحيد والاعتزالية في العدل على تبني دلالة التمانع دون التضحية بخلق الأفعال. فالوحدانية لا تقضي على الفعل الإنساني الحر، بل هي تأكيد له عندما يصبح الشعور واحدا. وإثبات الوحدانية الفردية لا يحيل الحرية الإنسانية، فالوحدانية صفة للذات أكثر منها صفة للفعل واستعمال الإرادتين الإلهية والإنسانية ليس نقصا للوحدانية.

72

Bilinmeyen sayfa