İtikattan Devrime (2): Tevhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Türler
39
والزمان الطبيعي موضوع لدراسة علم الطبيعة دون افتراض وجود لا زماني وراء الزمان. وينتهي الدليل بالتصور الشائع وهو أن العالم مخلوق، أحدثه «إله» قديم، خالق، وهو التصور الذي يعبر عن أثر التأليه في إدراك الطبيعة، وعن اعتبار الثابت والدائم والخالد والباقي الأصل والأساس خارج الطبيعة. ويكون السؤال: لماذا الانتقال من الحدوث إلى أن المحدثات لها أول؟ إن إثبات ظاهرة وإدراك معناها لا يعني بالضرورة أن هذه الظاهرة لها أول، سواء كان معناها أم غيره. صحيح أن المعنى مستقل عن الظاهرة، ويتحكم في بنائها ووجودها وتطورها، ولكن ذلك لا يعني أنه أول الظاهرة وأصلها ونشأتها، فسؤال الأصل والنشأة قضاء على المعنى المستقل، وتحويل الظاهرة إلى صنعة والمعنى إلى صانع، في حين أن الظاهرة موجودة والمعنى مستقل محمول عليها ونسبته إليها كنسبة الدلالة إلى الدليل. وحتى على فرض تشخيص النشأة لماذا يوصف الصانع بصفات مناقضة للعالم المصنوع؟ إذا كان المصنوع حادثا يكون الصانع قديما؟ إن الصانع من جنس المصنوع أقرب، فالفنان حادث كما أن فنه حادث لأنه أيضا يتشكل.
والأقرب إلى العقل وشهادة الحس ومضمون التجربة البشرية اتفاق الصانع والمصنوع في الصفات أكثر من اختلافهما، باستثناء الفكر أو الوعي أو الشعور. فالصانع واع بفنه وعالم به وقادر عليه، في حين أن المصنوع طبع متشكل يخضع لعمل الفنان. وما الذي يمنع من وجود حوادث لا أول لها؟ لماذا يستحيل وجود حوادث لا أول لها؟ يمنع من ذلك فقط بناء العقلية المتدينة التي تظن أن الحوادث لا بد أن يكون لها أول حتى لا نشارك مع «الله» في صفة الأول؛ لأن «الله» أول الأشياء. يمكن للأشياء أن تتسلسل إلى ما لا نهاية من حيث الأول إن كان ولا بد من التصور الطولي المتراجع. ويمكن أيضا تسلسل الأشياء تسلسلا دائريا حيث يرجع أول الأشياء إلى آخرها وأن يكون الشيء علة ومعلولا في نفس الوقت دون حاجة إلى علة أولى ليست معلولة إلى علة أخرى.
40
وحتى على فرض أن العالم حادث بفعل التغير، فلماذا الاستدلال من الحدوث إلى المحدث بهذا المنطق التشخيصي، والانتقال من الظاهرة إلى صانع الظاهرة؟ إن الطبيعة ليست مصنوعة. الطبيعة موجودة، ويتعامل معها الإنسان، باعتبارها موجودة، سابقة عليه، ولاحقة عليه، ولا يلحقها بصانع. الصنع تصور إنساني مشخص، يسقطه المتكلم على الطبيعة فيجعلها مصنوعة، وكأن الطبيعة عالم مصنوع، وكأن المتكلم قد حول جمال الطبيعة إلى جمال الفن، وحول الطبيعة إلى صنعة.
41
لقد كان المتكلم في حياته الخاصة حرفيا أو تاجرا وابن سوق، وكان المجتمع كله كذلك، مجتمعا صناعيا تجاريا، الأشياء مصنوعة ولها صاحب، ومملوكة ولها مالك.
وما العظمة في إثبات وجود «الله» عن طريق الأعراض والأعراض أقل القسمين قوة وقدرة؟ فالأعراض بداية دليل الحدوث، وكل حادث له محدث، فالدليل هنا قائم على القسم الأضعف من الجسم وهو العرض وليس على القسم الأقوى، وهو الجوهر الذي منه يبدأ الدليل الثاني، دليل الجوهر الفرد. وكأننا أقمنا وجود الله على الشق الضعيف من الشيء، فقام البناء كله على ركن مائل هش.
42
والتحول من الأعراض إلى الأكوان لإثبات وجود الله ابتداء من الحدوث استجابة لهذا الاعتراض، وهو أن الله لا يثبت من القسم الضعيف وهو العرض بل من القسم القوي وهو الجوهر حتى لا يتمخض الأسد فيلد فأرا. فالأكوان أكثر التصاقا بالجوهر منه بالأعراض، وتدل على التكوين والصلابة، في حين أن العرض يفيد الزوال والتغير والفناء.
Bilinmeyen sayfa