İtikattan Devrime (2): Tevhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Türler
فإذا ما فرض العقل نفسه على هذه التجربة الحسية في ظاهرها الإيمانية في باطنها تخرج مقدمات أقرب إلى الأحكام الحسية على العالم، ثم احتمالات تعكس الإيمان المسبق بإحداها على أنه الصحيح والأخرى باطلة في عبارات تستعمل مفاهيم الجمال والقبح كوسط بين مفاهيم الإيمان وتصورات العقل. فإذا ما عجز العقل عن الصياغة والإحكام المنطقي تأتي الأدلة النقلية للمساندة والعون. ومع ذلك تكشف هذه المحاولات الأولى عن بزوغ العقل من خلال الإيمان وعن تجاوز المشاهدة الحسية والتجربة المباشرة إلى التحليل العقلي الصرف،
21
وهذا ما سيسمح بعد ذلك بإحكام المقدمات وتنظير القياس وترتيب النتائج، فتكتمل صياغات منطقية صرفة لدليل الحدوث.
وقد يأخذ الدليل شكلا إراديا قبل أن يتحول إلى دليل محكم، أي إنه يتحول من الإنشاء إلى الإرادة الإنسانية، وهذا يدل على أن الحدوث إما موقف وجداني من الأشياء أو موقف إنساني من الوجود. فالحدوث هنا مقولة للإرادة وليس للأشياء، ويستوي في ذلك بعض الأشاعرة وجمهور المعتزلة. يرتبط دليل الحدوث إذن عند بعض الأشاعرة بالإرادة الإنسانية. وهنا تتأكد الحرية الإنسانية من أجل سلبها من جديد بدعوى الحدوث ونسبتها إلى المحدث، وبالتالي تكون الحرية صفة «لله» وليس للإنسان،
22
وتكون أفعال «الله» دليلا على وجوده، كما كان حدوث الأشياء دليلا على وجوده، فالأفعال جزء من عالم الأشياء.
23
ويأخذ دليل الحدوث عند المعتزلة صيغة عقلية إرادية، ويصبح عند الجمهور أكثر قبولا وأكثر إنسانية مما هو الحال عند الأشاعرة. «فالله» لا يعرف ضرورة كما هو الحال عند الطبائعيين، ولكن يعرف استدلالا كما هو الحال عند الأشاعرة. كل ذات لا تعرف ضرورة فالطريق إليها إما عن طريق حكم صدر عنها أو عن طريق فعل وقع منها، وبالتالي ليس الطريق هي الأجسام والجواهر الطبيعية بل طريق العقل والإرادة الإنسانية. ولما كانت الأحكام إنما تصدر عن علل، و«الله» ليس بعلة لأن العلة تنفك عن المعلول، وذلك يوجب علة ثانية وثالثة، وينتهي الأمر إلى تعدد العلل وحدوثها، وهذا ما يأتي في وحدانية «الله» وقدمه أو إلى أن يكون «الله» عرضا من الأعراض. و«الله» ليس كذلك. يكون الطريق إذن فعلا منه. والأفعال نوعان: نوع يدخل تحت مقدورنا، ونوع لا يدخل تحت مقدورنا. الأول لا يمكن الاستدلال بها على «الله» لأننا أصحابها، والثاني يمكن الاستدلال بها على «الله» كفاعل لها، وذلك مثل ما يقع منا من أفعال القلوب وأفعال الجروح التي لا تدخل تحت سيطرة الإرادة، الأفعال العكسية. بل ويمكن أيضا الاستدلال بما يدخل في مقدورنا على «الله» مثل العقل لأنه من جنس «الله». والاعتقادات لأنها قد تكون من فعلنا ومن فعل غيرنا، واحتمال أن تكون من فعلنا أقل لأنها أفعال الشعور التي لا نستطيع منها شيئا، فهي مرتبطة بالإرادة والكراهة والدوافع والدواعي. الاستدلال هنا مرتبط بالأفعال التي تكشف عن قدرة الإنسان وحرية الأفعال في دليل الحدوث حيث تصبح صلة الذات بالطبيعة صلة أثر وإيجاد لا صلة وجوب ووجود. والحقيقة أن الجواهر سواء كانت من أفعال القلوب تقع منا وكذلك باقي الأفعال مثل: الألوان والطعوم والروائح والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والحياة والقدرة والشهوة والنفرة والفناء، فكلها مرتبطة بحواس الإنسان، والفناء أيضا لأنه تجربة العجز والشيخوخة والموت.
24
ومع ذلك يظل الدليل قائما في إطار دليل الحدوث التقليدي، ولكنه يقوم على بناء إنساني وليس على بناء طبيعي مما يكشف عن ارتباط الدليل بالإنسان وأن إثبات وجود «الله» إنما يتم عن طريق تحليل الوجود الإنساني من خلال الأفعال الإنسانية، القدرة أو العجز، ولما كان الإنسان صاحب أفعاله في حال القدرة، فإن الله لا يثبت إلا في حالة العجز، ويكون تعبيرا عن الضعف الإنساني.
Bilinmeyen sayfa