İtikattan Devrime (4): Peygamberlik - Ahiret
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Türler
42
وهل يثبت العام من الخاص؟ فالعام تجريد والخاص واقع، كما تثبت النبوة في آخر مراحلها أولا قبل أن تثبت النبوات السابقة التي يخبر عنها في ختم النبوة المنقولة نقلا متواترا، وهناك فرق بين إمكان النبوة ووقوعها من ناحية وبين تحقيقها من ناحية أخرى، فالأولى إمكانية نظرية خالصة بينما الثانية إمكانية عملية تتحقق بحرية الأفعال.
43
وقد يكون الوحي ممكن الوقوع بدليل وجود الحدس والمعرفة المباشرة في الحياة الإنسانية، والحقيقة أن تفاوت البشر في العقول وإلهام البعض وإبداع البعض الآخر والذكاء الخارق لفريق ثالث لا يعني إثبات النبوة، بل يشير إلى إبداع الإنسان وقدراته على الخلق، والنبوة في النهاية ليست معرفة نظرية فقط، بل هي تشريع عملي وتحقيق فعلي، ولا يحتاج إمكان وقوع الوحي إلى إثبات وسائط غير مرئية أو مرئية، فالرؤية المباشرة لا تحتاج إلى وسائط.
44
وقد يثبت إمكان النبوة عن طريق نظريتي الصلاح واللطف؛ فالنبوة بها صالح العباد، وهي تفضل ولطف، وذلك إثبات للنبوة بالعودة إلى الحسن والقبح العقليين والعقل الغائي، كأحد مظاهر العدل.
45
وقد تثبت النبوة بدليل نظري خالص مستمد من التوحيد؛ أي وجود الله وصفاته، خاصة الكلام والقدرة، فالله متكلم وقادر؛ وبالتالي تكون النبوة من كلامه والبعثة في قدرته. النبوة ممكنة لأن أفعال الله جائزة، ولما كانت النبوة تستعمل أيضا طبقا لمنهج النص والشواهد النقلية لإثبات وجود الله، فإن استعمال وجود الله لإثبات النبوة وقوع في الدور. وما الفائدة من استعمال النبوة تراجعيا لإثبات وجود الله وقد تم من قبل إثباته في التوحيد؟ وكيف تثبت السمعيات العقليات؟ ولماذا تتراجع النبوة إلى المرسل أي إلى ما قبل النبوة، ولا تتقدم إلى المرسل إليهم وإلى الرسالة في التاريخ أي إلى ما بعد النبوة؟ وهل مصدر النبوة بالنسبة لنا الله أم أسباب النزول؟
46
وقد تثبت النبوة نظرا بأنها تعطي التفصيلات بعدما يعطي العقل العموميات، وفي هذه الحالة يكون العقل فوق النبوة، وتكون النبوة تابعة للعقل، وقد يستغني الإنسان بالعموميات عن التفصيلات؛ فالعموميات هي الأساس، وما التفصيلات إلا تطبيقات فرعية لها، العموميات هي الروح والتفصيلات هي الجسد. وماذا لو قال آخر إن النبوة تعطي العموميات في حين يجتهد العقل في استنباط التفصيلات وهو أقرب إلى صلة النبوة بالعقل؟ أما المجربات فهي من العلم الطبيعي وليست من الوحي، ولا يمكن أن تتوقف العلوم الطبيعية والتجريبية على السمع، فإذا كانت التجربة ليست يقينية لتغيرها حسب الأفراد، فإنها مطردة من فرد إلى آخر ومن مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر، كما أن العقل ليس هو العقل الصوري المجرد، بل هو العقل الشامل للطبيعة والتاريخ ومجرى العادات وشهادة الحس والوجدان؛ أي كل ما لدى الإنسان من بديهيات حسية أو عقلية أو وجدانية أو إنسانية عامة تؤيدها تجارب العصور وخبرات الشعوب. أما المعارف النظرية الأخرى مثل معرفة الله وصفاته، فالعقل قادر على الوصول إليها بعد أن أصبحت من مكتسبات التوحيد. أما أمور المعاد مثل الوعد والوعيد وكل ما يتعلق بالغيبيات فلا تثبت إلا بعد ثبوت النبوة؛ لأن طريق العلم إليها الروايات والأخبار.
Bilinmeyen sayfa