İtikattan Devrime (4): Peygamberlik - Ahiret
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Türler
4
وما الفائدة من جواب المؤمن أو الكافر وقد انتهى العمر، وانقطع التكليف؟ وقد سجل كل شيء من قبل، ولا داعي لإجابات نظرية إضافية، وأعمال الإنسان في دنياه خير إجابة على نظره. وهل النظريات أفعال؟ وكيف يصر الكافر على كفره وقد علم أن الأمر جد، والمعاد حق، ولا يأخذه فرصة للتوبة؟ وهل المقصود من السؤال الامتحان والاختبار لوجود فرصة للاختيار ومراجعة المواقف؟ وكيف يتكلم المؤمن وينطق بالشهادتين؟ وما الفائدة من ذلك وأعماله في الدنيا خير شاهد على إيمانه من قبل؟ وماذا لو أخطأ في الإجابة من هول الموقف، ومن الظروف غير العادية التي هو فيها؟ وماذا عن الكافر صاحب الأعمال الحسنة، ولكن في إطار نظري مخالف؟ وماذا يقول المؤمن العاصي الذي يجيب صوابا نظرا، ولكن أعماله مخالفة لإجاباته؟ وماذا يقول الحكيم المتأول صاحب العمل الصالح؟ وماذا يقول اليهودي والنصراني الذي اهتزت تصوراته في التوحيد والعدل؟ وماذا يقول اللاأدري أو الشاك أو الملحد؟ وكيف يتحدث الأبكم؟ ولا يتضح الهدف من إعادة الروح إلى الجسد؛ أهو المعرفة النظرية أم التعذيب والتنعيم؟ هل مجرد الإجابة على سؤال الملكين أم الجزاء، ثوابا كان أم عقابا؟ يبدو أن الهدف من إعادة الحياة إلى المادة يكون بالقدر الذي يمكن به سؤال الملكين وعذاب القبر أكثر من نعيمه، وليس لباقي الأفعال الاختيارية. ويظل الميت في قبره دفينا بلا حرية في أسئلته أو في أفعاله، وقد كان من قبل سجينا حيا، وهو الآن سجين ميت؛ شقاء في الحياة وعذاب في الممات! لذلك قد يكون من الأسلم عند البعض الآخر أن تكون حياة القبر بالروح لا بالبدن، وأن يكون السؤال والعذاب بالروح لا بالبدن. ويخلق ذلك إشكالا آخر وهو مستقر الأرواح. أين كانت الأرواح قبل أن تأتي إلى القبر؟ وهل للروح مكان تنتقل منه أو إليه؟ ولماذا تعود الروح إلى القبر بالذات حيث يرقد الجسد، وهي ليست في حاجة إليه، وقد كان يمكن للمساءلة والعذاب أن تتما خارج القبر؟ قد يكون الأمر كله مجرد خيال شعبي يقوم على شدة الارتباط بالموتى الأعزاء، وكما ظهر في تاريخ الفكر البشري، ابتداء من عبادة الموتى وأرواح الأسلاف وإعادتها وزيارتها، ثم بناء الأهرام وتحنيط الجثث والإعداد للحياة الأخرى باعتبارها استمرارا للحياة الدنيا. وقد تكون حياة القبر المرحلة الثالثة في تاريخ البشرية؛ مرحلة متوسطة بين الموت والحياة، حتى تأتي مرحلة رابعة وأخيرة تكون الكلمة فيها للعلم.
5 (2) أين مستقر الأرواح؟
إذا كانت الأرواح تعود إلى الجسد، فهي تنتقل من مكان إلى مكان؛ وبالتالي يبرز سؤال: وأين مستقر الأرواح؟ وهل هناك تصور مكاني لها؟ وإذا كانت الأجساد مطمورة في القبور، فالأرواح لا بد وأن تكون في مكان ما. وتتراوح التصورات لمستقر الأرواح بين التصورات المكانية الحسية الفجة، وبين التصورات المكانية الروحية التي تتناسب مع موضوعها؛ فقد تكون الأرواح في بئر أو في صناجة الجابية؛ فإذا كانت أرواح الكفار فهي في بئر، وإن كانت أرواح المؤمنين فهي في الجابية؛ أي في مكان أفضل. روح الكافر في مكان عميق مغلق مظلم، في حين أن روح المؤمن في مكان مسطح مفتوح منير. وهو أقرب إلى التصورات القديمة عند شعوب المنطقة (اليونان والرومان)، ودياناتها (اليهودية والنصرانية). وقد تكون الأرواح على أفنية قبورها تحوم حولها وتدور فيها، سواء كان الفناء مفتوحا أو مغلقا، عاريا أم مستورا. وهو تصور أقرب إلى طبيعة الروح الطائر الذي يحتاج إلى مكان فسيح مفتوح حتى تسهل الحركة فيه. وفي هذه الحالة ألا تخطئ الأرواح قبورها، أو تكون أقرب إلى الحمام الزاجل الذي يخطئ منطلقه وهدفه؟ وهل تظل الأرواح طائرة فوق أفنية قبورها ليل نهار، أم تهدأ أحيانا وتستقر في مكان ألصق إلى الأرض؟ فإذا ما عادت الحياة إلى القبر، هل تهبط الأرواح من الأفنية إلى أقبية، ثم إذا ما انتهى السؤال والعذاب تصعد من جديد إلى الأفنية، وتظل هكذا إلى يوم البعث والنشور؟
6
وقد تكون الأرواح في مكان روحي متسق مع طبيعتها، وهو أقرب إلى الزمان منه إلى المكان، وهو البرزخ الذي تم فيه «عهد الذر»؛ فقد خلق الله الأرواح جملة، وهي نفس الأنفس العاقلة الحاسة، وأخذ عهدها وشهادتها وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن يأمر الله الملائكة بالسجود لآدم، وقبل أن يدخلها في الأجسام والأجساد يومئذ تراب وماء، ثم أقرها حيث شاء، وهو البرزخ، والذي ترجع إليه بعد الموت. ولا يزال يبعث منها إلى الأجساد المتولدة من المني المنحدر من أصلاب الرجال في أرحام النساء، ثم يتم امتحان الناس واختيارهم في الدنيا. وبعد الوفاة تعود الأرواح إلى البرزخ الذي منه أتت. رآها الرسول ليلة الإسراء والمعراج عند السماء الدنيا؛ أرواح أهل السعادة على يمين آدم، وأرواح أهل الشقاء على يساره عند «منقطع العناصر». وهنا يتم الخلط بين الزمان والمكان؛ فالبرزخ زمان، ومنقطع العناصر والسماء الدنيا مكان. وتعود الأرواح من جديد إلى الأجساد من البرزخ إلى القبور يوم البعث والنشور وحين قيام الساعة، وهي الحياة الثانية. فالحياة الثانية ليست في القبر، بل استعداد لليوم الآخر. وتنقسم الأرواح فريقين: السعداء على يمين آدم، والأشقياء على يساره. وهو تصور مكاني. كما تعجل أرواح الأنبياء والشهداء والسعداء إلى الجنة، وتتباطأ أرواح الأشقياء إلى النار، وهو تصور زماني. وإن تصور البداية بالعهد قبل الأجسام يجعل من الصعب تصور إمكانية الخطأ، وإلا كانت الأجساد أقوى من الأرواح، مصدرا للنسيان؛ نسيان العهد، وإنكارا للشهادة.
7
إن الحكمة من الإسراء هي التدليل على إمكانية تحويل عالم الغيب إلى عالم شهادة يمكن رؤيته؛ أي إدراكه بالحواس، ومعايشته بالتجربة. ولا يمكن تأويل «عهد الذر» على أنه عهد التزام بالطاعة، وإلا كان حجة للبشر لا عليهم، وإسقاطا للأمر، وإلا لما وجد على الأرض إلا مؤمن؛
8
لذلك يأتي التصور الآخر للروح على أنه عرض في مقابل هذا التصور الماهوي على أنه جوهر؛ فالروح عرض لا يبقى وقتين، يعود ثم يفنى آلاف المرات في الثانية الواحدة. هو روح متجدد، صيرورة الحياة والموت، انتقال من الوجود إلى العدم ومن العدم إلى الوجود.
Bilinmeyen sayfa