Akdiden Devrime İman
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Türler
8
فإذا ما ظهر الواقع في التجسيم فإنه يتلاشى في الإيمان، ويصبح الإيمان مجرد إقرار.
9
ومع ذلك كي تظهر السلطة القائمة في مظهر المدافع عن الدين فإنها تهاجم الإقرار باعتباره كافيا في الإيمان، وترفض إرجاء العمل على الإيمان بالنسبة للعامة حتى تظل العامة في الإيمان التقليدي ومظاهر العمل التقليدي له؛ أي في الشعائر والطقوس بعيدا عن المعارضة السياسية.
10
وتروج الأحاديث لنقد كل اختيار. ولما كانت السلطتان السياسية والدينية متعاونتين، فإنه سرعان ما تروح أحاديث لتأييد السلطة وتفنيد المعارضة.
11 (2-2) الإيمان إقرار ومعرفة وتصديق وعمل
العلاقة الرباعية باستمرار واحدة، سواء أكانت البداية بالمعرفة أو بالتصديق أو بالإقرار؛ فالإيمان إقرار ومعرفة وتصديق وعمل؛ فلا يوجد إقرار باللسان إلا بعد التصديق بالقلب، ولا يوجد تصديق بالقلب إلا بعد المعرفة. وإذا كان الإقرار عملا بالقلب فإنه يكون أيضا عملا بالجوارح، فلا قول بلا تصديق، ولا تصديق بلا معرفة، ولا نظر بلا عمل. إن القول دون المعرفة يكون مجرد ألفاظ لا تدل على شيء، ولا يؤدي إلى تصديق؛ لأنه لا يوجد موضوع للتصديق. وبطبيعة الحال لا ينتج عنه عمل. القول دون تصديق يكون بالضرورة دون معرفة أو فعل. تغيب الخصوصية في الزمان والمكان، ويصبح الإيمان مجرد لغو. ليس الإيمان قولا فحسب؛ فالقول أحد مظاهر الإيمان. القول صياغة للنظر، وتعبير عن الرأي. اللفظ مجرد صورة للفكر وأداة له؛ لذلك يستحيل إقامة سلوك الناس على أساس من القول؛ لأن القول وحده لا يكون أساسا للسلوك. القول تعبير عن فكر، وكشف لموقف شعوري. القول بمفرده مجرد ألفاظ لا تدل على شيء. ولما كان العمل واعيا استحال تحقيقه على أساس من القول، وإلا تحول الإنسان الحي إلى إنسان آلي يعطى القرار فيتحول تلقائيا إلى عمل. والشهادة ليست قولا، بل هي قول وفكر ووجدان وعمل؛ فالشاهد على العصر هو الشهيد، والشهيد هو الذي يشهد بقوله وفكره ووجدانه وعمله. وكل ذلك ممثل في حياته وأبعاد لشعوره.
12
وقد يتم تجاوز مفهومي الإقرار والعمل بمفهوم الخضوع والاستسلام والانقياد وطاعة الأوامر والنواهي بمعنى قبولها، ويصبح الإيمان والإسلام مترادفين. والحقيقة أن هناك تمايزا في هذه المفاهيم الأخيرة بين المعرفة والتصديق وبين النظر، أي المعرفة والتصديق، وبين العمل، أي الإقرار والفعل. ولا يوجد خضوع أو استسلام يأتي بالضرورة من المعرفة والتصديق، بل قد تؤدي المعرفة والتصديق إلى الرفض والتمرد والثورة، كما قد لا يكون العمل وحده هو الإتيان بالطاعات والالتزام بالأوامر واجتناب النواهي، بل قد يتجاوز ذلك إلى الأعمال الصالحة، كما قد يأخذ مضمون الإيمان العقائدي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء خيره وشره مضمونا جديدا، وهو أصلا التوحيد والعدل، ومضمون الرسالة، وهو استقلال الإنسان عقلا وإرادة. ويعني التوحيد انتساب الإنسان إلى مبدأ يتساوى أمامه الجميع، كما يعني العدل إثبات حرية الإنسان وعقله القادر على التمييز بين الحسن والقبح، بل إن العمل الفرد لا يكفي كتعبير عن الإقرار بعد المعرفة والتصديق؛ فالعمل الفردي لا يزدهر إلا في العمل الجماعي، في موالاة المؤمنين ومعاداة الكفار؛ أي في الصراع الاجتماعي. وإذا كان علم الأصول واحدا، أصول الدين وأصول الفقه، فإن مصالح الأمة والحرص عليها ضد الإفساد في الأرض يكون هو محور الصراع الاجتماعي في أصول الدين؛ لذلك ينتهي علم التوحيد بأحكام قيمة ونداء للفعل، فتتحول الإلهيات إلى أخلاقيات، ثم إلى اجتماعيات مستمدة من التصوف والأصول. ويتحول الحديث من الإيمان وصياغاته وأحكامه، من مجال الأوامر والنواهي وخطب المساجد ومواعظ المنابر، إلى الحديث عن الضروريات الخمس، المحافظة على النفس والعقل والدين والعرض والمال. التوحيد إذن هو أساس المحافظة على الجماعة، يظهر في أقوال الأفراد والجماعات كما يظهر في أعمالهم.
Bilinmeyen sayfa