Akdiden Devrime İman
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Türler
6
والفرق الفقهية التي تدور خلافاتها حول المسائل العملية لا تدخل تحت أية فكرة موجهة، سواء تلك التي تشير إيجابا أم سلبا إلى الفرق أو إلى أحدها بالنجاة أو الهلاك. ففي المسائل العملية كل الحلول صواب ما دام يبذل فيها الجهد، أو يكون أحدها صوابا والآخر خطأ دون تعيين. وإذا عين الخطأ فلا يعني ذلك الضلال، ويكون الصواب هو النجاة، بل يعني الاجتهاد في كلتا الحالتين، ويظل الأمر ظنيا نظريا وإن كان يقينيا عمليا. وقد يتغير ذلك من فرد إلى آخر، ومن عصر إلى عصر، ومن مكان إلى مكان. فالمسائل العملية قائمة على تعدد الحقائق على المستوى النظري. ولا فرق بين علم أصول الدين وعلم أصول الفقه في الجمع بين الفرق أو المدارس المختلفة. صحيح أن التفرق في أصول الدين أخطر منه في أصول الفقه؛ لأنه تفرق على الأصول النظرية، إلا أن التفرق في أصول الفقه يدل على تفرد الواقع وعلى تكيف فهم الوحي حسب الزمان والمكان. لا يوجد صواب نظري واحد في علم أصول الفقه، فالكل مصيب.
7
وقد يرجع التفرق على الأصول النظرية أيضا إلى مواقف عملية، الموقع من السلطة، أصول السلطان أم أصول المعارضة، ولكنها في كل الأحوال تظل أصولا نظرية. (1) أصول التفرق والوحدة
هل التفرقة والوحدة طبيعيان أم أن لهما أصولا يردان إليها؟ وهل هذه الأصول جغرافية طبيعية أم قومية حضارية أم عقائدية مذهبية؟ وماذا تعني ألفاظ الدين والملة والحنيفية والشرعة والمنهاج والسنة والجماعة؟ (1-1) هل التفرق جغرافي طبيعي؟
قد ينقسم الناس جغرافيا حسب الأقاليم، وتتحدد طبائعهم وأمزجتهم بل وأفكارهم حسب طبيعة كل إقليم. وفي الجغرافيا القديمة لما كانت الأقاليم سبعة، فالأمم سبعة. وقد ينقسم الناس حسب الاتجاهات الأربعة، ويحدد كل اتجاه سلوك الناس وطبائعهم وآراءهم، بل ودياناتهم ونحلهم.
8
والحقيقة أن هذه القسمة جغرافية خالصة، لا تبدأ من الوحي ومن تشعبه وتحوله إلى فرق بتدخل الموقف الإنساني وتكوينه الاجتماعي وصراعاته السياسية. ليس الشعور الإنساني شعورا طبيعيا بمعنى أنه محدد بالمكان؛ فمع أن الشعور محمول في المكان إلا أنه مستقل عنه، ومع أن الشعور موجود في البدن، والبدن يتحرك في العالم، والعالم يتفاوت في المناخ نظرا لبعد أجزائه عن الشمس أو قربها منها، إلا أن الشعور مستقل، وأن المناخ وإن حدد أسلوب الحياة المادي إلا أنه لا يحدد ماهية الشعور المستقلة. (1-2) هل التفرق قومي حضاري؟
فإذا صعدنا درجة أعلى تحول التقسيم من المستوى الجغرافي الطبيعي إلى المستوى القومي الحضاري؛ فلكل قوم خصائص تظهر في حضارته طبقا للجنس والمزاج والتكوين النفسي. فإذا كانت كبار الأمم أربعة، العرب والعجم والروم والهند، فإنها تنقسم إلى طبيعتين رئيسيتين؛ الأولى تقرير خواص الأشياء، والحكم بأحكام الماهيات والحقائق، واستعمال الأمور الروحانية، كما هو الحال عند العرب والهند. وهي الطبيعة الأقرب إلى المثال الذي يظهر في الماهيات في الطبيعة أم في الروح، في العالم أم في الله، في الفلسفة أو الدين. والثانية تقرير طبائع الأشياء، والحكم بأحكام الكيفيات والكميات، واستعمال الأمور الجسمانية، كما هو الحال عند العجم والروم. وهي الطبيعة الأقرب إلى الواقع، والتي يظهر فيها العلم الكمي كما هو الحال في العلم الطبيعي. وهو الاختلاف بين الشرق الفنان، والغرب العالم.
9
Bilinmeyen sayfa