İnancından Devrime (3): Adalet
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Türler
221
والفعل الحر يكون حرا من جانب الفاعل، أي من الإنسان، ولكنه يكون واجبا من جانب الطبيعة، لا من ذاته، بل طبقا لمجرى العادات. يستطيع الإنسان مثلا أن يعمل على إقامة ثورة بحرية تامة وبقرار حر وبوعي فردي واجتماعي كامل. فإذا تحقق الفعل وشروطه بوجود البواعث والغايات والأفكار وارتفاع الموانع البدنية والنفسية والاجتماعية، وبتحقيق إمكانيات الثورة وحركيتها المادية من خلال الجماهير؛ تحققت الثورة بالفعل، إلا إذا تدخلت موانع غير متوقعة أو ظهر خطأ في حساب الإمكانيات النظرية الأولى أو في نقص الوعي بحركية الثورة وتنظيمها. في هذه الحالة يمكن أخذها في الاعتبار، إما في الحال والتكيف طبقا للظروف الجديدة، وإما في المستقبل استعدادا للثورة القادمة. وهذا هو معنى عدم الوجوب في الأفعال من ناحية الطبيعة.
فإذا كان الإنسان حرا، فهل يمكن القول بأنه خالق أفعاله؟ هل هناك فرق بين الفعل والخلق؟ حرصا على الحفاظ على المستويات كل اسم يشير إلى مستويين. الفعل إما إنساني كالحركة أو تغيير البناء الاجتماعي، أو طبيعي كفعل الظواهر الطبيعية. والخلق اسم يشير إلى نفس المستويين أيضا. هناك الخلق الفني من الإنسان، وهناك خلق الأشياء من عدم حين السؤال عن مصدرها. وسواء قلنا الإنسان فاعل في العالم أو خالق لأفعاله فلا فرق بين القولين لو عنينا المستوى الأول وهو الفعل الشعوري. ولا يجوز وصف الإنسان بالفعل والخلق على المستوى الثاني؛ لأن الإنسان ليس ظاهرة طبيعية فحسب وليس خالقا للأشياء من عدم. يوجد الإنسان حرا في العالم. وقد يتم فعل الإنسان وخلقه بآلة كما هو الحال في العمل الفني. وقد يقع منه مقدرا كما هو حال الفنان حين يخلق طبقا لما في ذهنه وطبقا لإحساساته ومشاعره.
222
وكانت حرية الأفعال أحد المواقف الرئيسية للمعارضة السياسية، سواء في الخارج أو في الداخل، العلنية منها أو السرية، دفاعا عن استقلال الإنسان وإرادته الحرة ورفض تدخل أية إرادة خارجية في مصيره تحدده له، سواء كانت إرادة إلهية مشخصة أو إرادة سياسية قائمة، إرادة الله أم إرادة السلطان، فالسلطة الدينية والسلطة السياسية صنوان.
223
الفعل الإنساني قائم مستقل، لا يقدر أحد على القضاء عليه. ومن يشكك في حرية الإنسان يصل إلى حد الكفر. وكلما كان الرفض جذريا كان إثبات الحرية أساسيا. وكلما رغب الإنسان السلوك الأمثل ازدهرت الحرية حتى تصبح حرية خالصة تبحث عن الكمال الخالص ويصبح كل سلوك نسبي قائم على تقدير نسبي للأمر الواقع أقرب إلى الجبر الناشئ من ثقل وتقلص في تمثل الكمال.
224
حتى المعارضة السرية تثبت الحرية إثباتا لحق الإنسان في الرفض، ومنها اشتق اسم «الرافضة». الحرية هي سبب الرفض، والرفض فعل من أفعال الحرية. يعني الرفض أن الإنسان قادر على التمييز والحكم والفهم الصحيح والقدرة على رفض السلوك الذي لا يطابق هذا الفهم؛ ومن ثم ينشأ سلوك غيره حين يتحول السلوك الأول القائم على التقليد إلى جبر بفعل الطاعة.
225
Bilinmeyen sayfa