İnancından Devrime (3): Adalet
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Türler
11
وماذا لو رفض العقلاء اللطف ما دام العقل لديهم قادرا على الوصول إلى التكليف ومعرفة الصلاح والأصلح من العقل والسمع معا؟ إن افتراض أن يكون الله قد ادخر لطفا لمن علم أنه لا يؤمن حتى لا يؤمن تجويز للظلم على الله، ونفي لحرية الإنسان واختياره، وقضاء على عقله واستقلاله. فأفعال الشعور الداخلية مثل الإيمان والكفر أفعال حرة قائمة على العقل والتمييز.
12
فإن كان هناك أصلح وإن كانت لدى الله ألطاف أخرى لا نهاية لها يعطيها للبشر اختيارا، فلماذا ادخرها الله ولم يعطها حتى يكون العالم أفضل العوالم الممكنة وتغليبا للأصلح على الصلاح؟ ومتى يعطيها الله ومتى يهبها وطبقا لأي مقياس ولأي مدى؟ أليس في ذلك تدخل في الحرية الإنسانية التي أصبحت من قبل أحد مكتسبات العدل، والذي بدوره خرج من بطن التوحيد؟ وما الفائدة من لطف غير مستعمل، مجرد إثبات حق نظري، إثباتا للقدرة المطلقة؟ وقد تم ذلك من قبل في التوحيد، وفي العدل لا تحدث شيئا. إن مصلحة الفرد والجماعة ليست نعمة أو إحسانا أو تفضلا أو لطفا من أحد، بل نتيجة للجهد والمشقة والمعاناة. والأصل ضرورة موضوعية لا صلة لها بالعواطف المشخصة والانفعالات الذاتية والإكراميات شكرا وثناء، حمدا وتبجيلا. ولما كانت الشريعة تقوم على جلب المصالح ودرء المفاسد، فقد يأخذ السؤال صيغة الضرر ويكون: هل يقال إن الله يضر أم لا؟ فالإثبات يبقى إثبات القدرة المطلقة ونفي أية صفة من صفات العجز، وإلا كان هناك نقص في عواطف التأليه وبصرف النظر عن حقوق الإنسان وحياته أو ما ينتج عن إثبات هذه القدرة من طغيان ونفي للعدل وإثبات للطاغوت. وتكون الإجابة بالنفي دفاعا عن حقوق الإنسان وإثبات حقه في دفع الأضرار عن نفسه ومقاومة الظلم.
ولا يؤدي القول بالأصلح إلى رفض الآلام والمشاق الناتجة عن الأفعال؛ لأن الإنسان يفضل أن يركن إلى الكسل والراحة وحياة الدعة والسكون والتعب والنصب والجهد والألم والجرح. كل ذلك لا يمثل نقضا للصلاح والأصلح؛ فالذات تضع نفسها بالجهد وتثبت وجودها بالمقاومة. والغاية من بذل الجهد تحقيق الوجود الإنساني، والإنسان بلا جهد حر يتحول إلى ظاهرة طبيعية حتمية. وبالتالي إذا كان الله متفضلا بالثواب فكيف يجوز الجهد؟ ليس في فعل الأصلح أي جهد زائد أو كدر لا يتحمل، بل هو تأدية للدعوة وضرورة داخلية وأداء للرسالة. فعل الأصلح في حد ذاته فعل إيجابي وليس له أي جزاء آخر، إلا أنه في الحياة العملية كمال للإنسان.
13
ولا يقال أيضا إن الأصلح ألا يعاقب الإنسان في أفعاله وأن يغفر له ويتوب، وبالتالي يتحول الأصلح إلى أن يكون دفاعا عن مصالح الإنسان، ورغباته وأهوائه، وإلى هدم القانون إن لم يكن هناك مقياس موضوعي عام للأصلح دون الوقوع في الفردية والنسبية والمصلحة الشخصية؛ وبالتالي يتخلى الإنسان عن نتائج أفعاله.
14
الأصلح ليس بالرجوع إلى الوراء والتمني، بل هو التقدم إلى الأمام. الأصلح للإنسان أن يكون حرا وإلا كان ظاهرة طبيعية. الأصلح للإنسان أن يرتبط مصيره بالحرية حتى يكون مسئولا عنها محاسبا عليها. ليس الأصلح للإنسان رفض العقل والبلوغ وأن يعيش الإنسان مخلوقا حيا دون أن يكون له عقل بالغ فيعيش حيوانا أعجما أو طفلا أو مجنونا أو معتوها. وكيف يكون هناك أصلح إذا ما اخترم الإنسان قبل العقل والبلوغ؟ إنما الصلاح يقع في حياة الإنسان الحر وليس فقط نتيجة هذا الجهد. ودون عقل لا يكون هناك استحقاق مدح أو ذم.
15
Bilinmeyen sayfa