وقف عليه وقال برجعته، ومنهم من ساق الإمامة في أولاده نصا بعد نص إلى يومنا هذا، وهم الإسماعيلية، ومنهم من قال بإمامة عبد الله الأفطح، وقال برجعته بعد موته لأنه مات ولم يعقب١، ومنهم من قال بإمامة موسى نصا عليه إذ قال والده: سابعكم قائمكم، إلا وهو سمي صاحب التوراة. ثم هؤلاء اختلفوا، فمنهم من اقتصر عليه وقال برجعته؛ إذ قال لم يمت هو، ومنهم من توقف في موته وهم الممطورة، ومنهم من قطع بموته، وساق الإمامة إلى ابنه علي بن موسى الرضا، وهم القطعية. ثم هؤلاء اختلفوا في كل ولد بعده، فالاثنا عشرية ساقوا الإمامة من على الرضا إلى ابنه محمد، ثم إلى ابنه علي، ثم إلى ابنه الحسن، ثم إلى ابنه محمد القائم المنتظر الثاني عشر، وقالوا: هو حي لم يمت، ويرجع فيملأ الدنيا عدلا، كما ملئت جورا. وغيرهم ساقوا الإمامة إلى الحسن العسكري، ثم قالوا بإمامة أخيه جعفر، وقالوا بالتوقف عليه، أو قالوا بالشك في حال محمد، ولهم خبط٢ طويل في سوق الإمامة، والتوقف، والقول بالرجعة بعد الموت، والقول بالغيبة، ثم بالرجعة بعد الغيبة.
فهذه جملة الاختلافات في الإمامة، وسيأتي تفصيل ذلك عند ذكر المذاهب.
وأما الاختلافات في الأصول فحدثت في آخر أيام الصحابة بدعة معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، ويونس الأسواري في القول بالقدر وإنكار إضافة الخير والشر إلى القدر، ونسج على منوالهم واصل بن عطاء الغزال، وكان تلميذ الحسن البصري، وتلمذ له عمرو بن عبيد، وزاد عليه في مسائل القدر، وكان عمرو من دعاة يزيد الناقص أيام بني أمية، ثم والي المنصور وقال بإمامته، ومدحه المنصور يوما فقال: نثرت الحب للناس فلقطوا غير عمرو بن عبيد.
والوعيدية من الخوارج، والمرجئة من الجبرية.
والقدرية ابتدءوا بدعتهم في زمان الحسن، واعتزل واصل عنهم وعن أستاذه
_________
١ لم يعقب: لم يترك ولدا.
٢ حقيقة الخبط: الضرب على غير اتساق.
1 / 28