ومنها نفيه أبا ذر إلى الربذة١، وتزويجه مروان بن الحكم بنته، وتسليمه خمس غنائم أفريقية له وقد بلغت مائتي ألف دينار.
ومنها: إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان رضيعه بعد أن أهدر النبي ﵊ دمه، وتوليته إياه مصر بأعمالها، وتوليته عبد الله بن عامر البصرة حتى أحدث فيها ما أحدث. إلى غير ذلك مما نقموا عليه، وكان أمراء جنوده: معاوية بن أبي سفيان عامل الشام، وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة، وبعده الوليد بن عقبة، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر عامل البصرة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل مصر. وكلهم خذلوه ورفضوا حتى أتى قدره عليه، وقتل مظلوما في داره، وثارت الفتنة من الظلم الذي جرى عليه، ولم تسكن بعد.
الخلاف العاشر: في زمان أمير المؤمنين علي ﵁ بعد الاتفاق عليه وعقد البيعة له. فأوله: خروج طلحة والزبير إلى مكة، ثم حمل عائشة إلى البصرة، ثم نصب القتال معه. ويعرف ذلك بحرب الجمل. والحق أنهما رجعا وتابا، إذ ذكرهما أمرا فتذكراه. فأما الزبير فقتله ابن جرموز بقوس وقت الانصراف، وهو في النار لقول النبي ﷺ: "بشر قاتل ابن صفية بالنار". وأما طلحة فرماه مروان بن الحكم بسهم وقت الإعراض٢ فخر ميتا. وأما عائشة ﵂ فكانت محمولة على ما فعلت، ثم تابت بعد ذلك ورجعت. والخلاف بينه وبين معاوية، وحرب صفين، ومخالفة الخوارج، وحمله على التحكيم، ومغادرة عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري، وبقاء الخلاف إلى وقت وفاته مشهور. وكذلك الخلاف بينه وبين الشراة٣
_________
١ الربذة: من قرى المدينة.
٢ وقت الإعراض: وقت أن أعرض عن القتال، أي كف واعتزل الحرب.
٣ الشراة: الخوارج، الواحد شار؛ سموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله، فهو من شرى يشري كرمى يرمي، فهو شار وجمعه شراة بخلاف شرى كفرح، فإن اسم فاعله شر، وهو لا يجمع على شراة. قيل: ويجوز أن يكون من المشاراة أي المجادلة.
1 / 25