وسوارح الأعصار ماضية في إسعاده، قد جاز بذهنه الثاقب الراجح في تحسين الدلائل مهما صعبا، وحاز برأيه الصائب الناجح في تحصيل المسائل موردًا عذبًا، حتى صار يفصل في مضيق المناظرات بين أربابها، ويجلو دجى المشكلات ويلي كشف حجابها، فأردت أن أضرب بهذا المختصر في اكتساب القربة إليه قدحًا معلي وسهما، وأجمع فيه من بديع الحقائق ورفيع الدقائق نكتا وعلمًا، وفضله - أيده الله - يقضي بحسن القبول، ويقتضي لمؤلفه غاية المأمول.
وها أنا أشرع فيه بحول الله تعالى، وهو المستعان، وعليه التكلان.
اعلم أن ما يتمسك به المستدل على حكم من الأحكام في المسائل الفقهية منحصر في جنسين: دليل بنفسه، ومتضمن للدليل.
الجنس الأول: الدليل بنفسه، وهو يتنوع نوعين: أصل بنفسه، ولازم عن أصل.
1 / 297