183

قال عليه السلام : وأي الوجهين ثبت في هذا العلم أعني كونه ضروريا يحتاج إلى أدنى تأمل أم كان من باب إلحاق التفصيل بالجملة، فلست أقول إن المجبرة فيه جاحدون للضرورة مكابرون، بل أحملهم على ما قدمت تحقيقه، وهو أنه سبق إلى أوهامهم من الشبه ما دعاهم إلى اعتقاد جهل دافع حصول هذا العلم بعد التأمل. والله أعلم.

وقد استوفينا كلام الإمام المهدي عليه السلام على طوله مع بعض تصرف واختصار؛ لأنه بحث مفيد، ومنهج سديد لم أر لغيره مثله، والمسألة جديرة بالبسط والتحقيق، انظر عند أول ما تجد كلام أبي الحسين وأتباعه، فإنك تقول هذا هو الحق الذي لا محيص عنه، فإذا رأيت ما قاله الإمام المهدي عليه السلام من أن الذي نعلمه ضرورة إنما هو وقوف أفعالنا على دواعينا دون كوننا الموجدين لها، فلا بد وأن يدخل في نفسك شيء، ولا تبقى على تلك العقيدة الأولى، فإذا استكملت النظر في أدلة المسألة كلها، وظهر لك ما يرد عليها، وما يجاب به تبين لك الحق عن دليله، فأما بغير هذا فليس إلا من باب التقليد، وإلا لما انتفى أو ضعف بالتشكيك، وهذا عذرنا في تطويل بعض الأبحاث. والله الموفق.

هذا وأما القائلون بأن العلم بهذه المسألة استدلالي، فلهم حجج عقلية وسمعية، فالعقلية كثيرة إلا أنا نذكر هنا أجلاها، فنقول:

أحدها: التفرقة الضرورية بين حركة الساقط والصاعد، والمرتعش، والباطش، والحيوان، والجماد، وهذه الحجة اعترف بها الأشاعرة وتعلقوا بالكسب.

الحجة الثانية: تعلق المدح والذم ونحوهما بالفاعل من حيث أنه فاعل دون شكله، ولونه، وسوطه، وسيفه.

قال (المقبلي): وهذا ضروري، ودان له كثير من الأشاعرة، وفروا إلى الكسب، وقد اعترض بعضهم هذه الحجة، فقال: ألستم تحمدون الله على الإيمان، وهو من فعلكم ومتعلق بكم، وتذمون على الإماتة بالغرق أو الحريق أو غير ذلك.

Sayfa 183