Mutluluğun Anahtarı
مفتاح السعادة
Türler
واعلم أن هذا الذي أوردناه عن القائلين بأن العلم بأنا الموجدون لأفعالنا ضروري، إنما هو تنبيه على ما ادعوه من الضرورة وتنفل ببيان الدليل على دعواهم، وتوصل إلى قطع شبه الخصم وبيان فضيحته، وإلا فالضروري لا يفتقر إلى الدليل.
قالوا: والشبه التي تعلق بها المجبرة لا يجب الجواب عنها وإن قدحت؛ لأن ما قدح في الضروريات لا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه للقطع بصحة ما قدح فيه.
وللإمام (المهدي) عليه السلام في بيان كون العلم بذلك ضروريا طريقة أخرى، وذلك أنه قال: التحقيق أن الذي نعلمه ضرورة هو وقوف أفعالنا على دواعينا ووقوعها مطابقة لها، وهذا لا يدخله تشكيك، وأما كوننا الموجدين لها أم الباري تعالى هو الموجد للداعي إليها، والموجد لها مطابقة له، فذلك يقبل التشكيك لأنه يحتاج إلى تأمل، لكن ينظر هل العلم الحاصل بأنا الموجدون لأفعالنا بعد التأمل متولد عن دليل ومقدمات بعضها لا يعلم إلا بالدلالة أم حصوله بعد التأمل ضروري، كما أن بعض الضروريات تحتاج إلى مراجعة النفس والفكر اليسير.
قال عليه السلام : والأقرب أن هذه المسألة إما من هذا القبيل، أو من باب إلحاق التفصيل بالجملة؛ لأن العلم بها يتفرع على مقدمات ضرورية، فهاتان طريقتان:
الطريقة الأولى: أن نقول قد تقدم أن هذا العلم يفتقر إلى أدنى تأمل؛ لأنه يقبل التشكيك، وأما كونه بعد التأمل ضروريا، فإنا إذا تأملنا وجدنا من أنفسنا أنه كان يمكننا ترك ما قد وقع منا وإن لم نضطر إلى أنه وقع بحسب دواعينا ولا ينازع في ذلك إلا سفسطي، لكن من قد سبق إليه قبل هذا التأمل شبهة دعته إلى اعتقاد كوننا مضطرين غير مختارين لم ينفعه هذا التأمل بعد ذلك؛ لأن من قد قطع بصحة شيء، أو فساده تعذر عليه النظر فيه؛ لأن النظر لا يصح إلا من مجوز غير قاطع، وهذا هو عذر المجبرة.
قلت: فبهذه الطريقة يكون علمنا بإيجادنا لأفعالنا ضروريا، لكن بعد أدنى تأمل لا بالبديهة كما قاله الأولون.
Sayfa 181