مَنَازِلهمْ مِنْهَا بأبخس الْحَظ وأنقص الثّمن وَبَاعَ الموفقون نُفُوسهم واموالهم من الله وجعلوها ثمنا للجنة فربحت تِجَارَتهمْ ونالوا الْفَوْز الْعَظِيم قَالَ الله تَعَالَى ﴿إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة﴾ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَا اخْرُج آدم مِنْهَا الا وَهُوَ يُرِيد ان يُعِيدهُ اليها اكمل اعادة كَمَا قيل على لِسَان الْقدر يَا آدم لَا تجزع من قولي لَك اخْرُج مِنْهَا فلك خلقتها فَإِنِّي انا الْغَنِيّ عَنْهَا وَعَن كل شَيْء وانا الْجواد الْكَرِيم وانا لَا اتمتع فِيهَا فَإِنِّي اطعم وَلَا اطعم وانا الْغَنِيّ الحميد وَلَكِن انْزِلْ الى دَار الْبذر فَإِذا بذرت فَاسْتَوَى الزَّرْع على سوقه وَصَارَ حصيدا فَحِينَئِذٍ فتعال فاستوفه احوج مَا انت اليه الْحبَّة بِعشر امثالها الى سَبْعمِائة ضعف الى اضعاف كَثِيرَة فَإِنِّي اعْلَم بمصلحتك مِنْك وانا الْعلي الْحَكِيم فَإِن قيل مَا ذكرتموه من هَذِه الْوُجُوه وأمثالها إِنَّمَا يتم إِذا قيل إِن الْجنَّة الَّتِي اسكنها آدم وأهبط مِنْهَا جنَّة الْخلد الَّتِي اعدت لِلْمُتقين وَالْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة وَحِينَئِذٍ يظْهر سر اهباطه واخراجه مِنْهَا وَلَكِن قد قَالَت طَائِفَة مِنْهُم ابو مُسلم وَمُنْذِر بن سعيد البلوطي وَغَيرهمَا انها انما كَانَت جنَّة فِي الارض فِي مَوضِع عَال مِنْهَا لَا انها جنَّة المأوى الَّتِي اعدها الله لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة وَذكر مُنْذر بن سعيد هَذَا القَوْل فِي تَفْسِيره عَن جمَاعَة فَقَالَ وَأما قَوْله لادم اسكن انت وزوجك الْجنَّة فَقَالَت طَائِفَة اسكن الله تَعَالَى آدم جنَّة الْخلد الَّتِي يدخلهَا الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ جنَّة غَيرهَا جعلهَا الله لَهُ واسكنه اياها لَيست جنَّة الْخلد قَالَ وَهَذَا قَول تكْثر الدَّلَائِل الشاهدة لَهُ والموجبة لِلْقَوْلِ بِهِ لَان الْجنَّة الَّتِي تدخل بعد الْقِيَامَة هِيَ من حيّز الاخرة وَفِي الْيَوْم الاخر تدخل وَلم يَأْتِ بعد وَقد وصفهَا الله تَعَالَى لنا فِي كِتَابه بصفاتها ومحال ان يصف الله شَيْئا بِصفة ثمَّ يكون ذَلِك الشَّيْء بِغَيْر تِلْكَ الصّفة الَّتِي الَّتِي وصفهَا بِهِ وَالْقَوْل بِهَذَا دَافع لما اخبر الله بِهِ قَالُوا وجدنَا الله ﵎ وصف الْجنَّة الَّتِي اعدت لِلْمُتقين بعد قيام الْقِيَامَة بدار المقامة وَلم يقم آدم فِيهَا ووصفها بِأَنَّهَا جنَّة الْخلد وَلم يخلد آدم فِيهَا ووصفها بِأَنَّهَا دَار جَزَاء وَلم يقل انها دَار ابتلاء وَقد ابتلى آدم فِيهَا بالمعصية والفتنة ووصفها بِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا حزن وان الداخلين اليها يَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن وَقد حزن فِيهَا آدم ووجدناه سَمَّاهَا دَار السَّلَام وَلم يسلم فِيهَا آدم من الافات الَّتِي تكون فِي الدُّنْيَا وسماها دَار الْقَرار وَلم يسْتَقرّ فِيهَا آدم وَقَالَ فِيمَن يدخلهَا وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين وَقد اخْرُج مِنْهَا آدم بمعصيته وَقَالَ لايمسهم فِيهَا نصب وَقد ند آدم فِيهَا هَارِبا فَارًّا عِنْد اصابته الْمعْصِيَة وطفق يخصف ورق الْجنَّة على نَفسه وَهَذَا النصب بِعَيْنِه الَّذِي نَفَاهُ الله عَنْهَا وَأخْبر انه لَا يسمع فِيهَا لَغْو وَلَا تأثيم وَقد اثم فِيهَا آدم واسمع فِيهَا مَا هُوَ اكبر من اللَّغْو وَهُوَ انه امْر فِيهَا بِمَعْصِيَة ربه وَأخْبر انه لَا يسمع فِيهَا لَغْو وَلَا كذب وَقد اسْمَعْهُ فِيهَا ابليس الْكَذِب وغره وقاسمه عَلَيْهِ ايضا بعد ان اسْمَعْهُ
1 / 11