كقولك زيد قائم، فإن زيدا مخبر عنه والقائم خبر، وكقولك العالم حادث، فالعالم مخبر عنه والحادث خبر وقد جرت عادة المنطقيين بتسمية الخبر محمولا والمخبر عنه موضوعا، فلننزل على اصطلاحهم فلا مشاحة في الألفاظ. ثم إذا قلنا الشكل محمول على المثلث، فإن كل مثلث شكل فلسنا نعني به أن حقيقة المثلث حقيقة الشكل، ولكن معناه أن الشيء الذي يقال له مثلث فهو بعينه يقال له شكل، سواء كان حقيقة ذلك الشيء كونه مثلنا أو كونه شكلا أو كونه أمرا ثالثا، فإنا إذا أشرنا إلى إنسان وقلنا هذا الأبيض طويل، فحقيقة المشار إليه كونه إنسانا لا هذا الموضوع وهو الأبيض ولا هذا المحمول وهو الطويل.
وإذا قلنا هذا الإنسان أبيض فالموضوع هو الحقيقة فإذن لسنا نعني بالمحمول إلا القدر الذي ذكرناه من غير اشتراط، فالنفهم حقيقته فهذا أقل ما تنقسم إليه القضية الحملية. والقضايا باعتبار وجوه تركيبها ثلاثة أصناف: الأول الحملي وهو الذي حكم فيه بأن معنى محمول على معنى أو ليس بمحمول عليه كقولنا: العالم حادث - العالم ليس بحادث؛ فالعالم موضوع والحادث محمول يسلب مرة ويثبت أخرى. وقولنا: ليس هو حرف سلب، إذا زيد على مجرد ذكر ذات الموضوع والمحمول صار المحمول مسلوبا عن الموضوع.
الصنف الثاني ما يسمى شرطيا متصلا كقولنا: إن كان العالم حادثا فله محدث، سمي شرطيا لأنه شرط وجود المقدم لوجود التالي بكلمة الشرط، وهو أن وإذا وما يقوم مقامهما. فقولنا: إن كان العالم حادثا يسمى مقدما،
1 / 110