والتقدير وبقي الشيء معه مفهوما فهو لازم، فأنا نفهم كون الإنسان إنسانا وكون الجسم جسما وإن رفعنا من وهمنا كون الإنسان إنسانا وكون الجسم جسما وإن رفعنا من وهمنا اعتقاد كونهما مخلوقين مثلا وكونهما مخلوقين لازم لهما، ولو رفعنا من وهمنا كون الإنسان حيوانا لم نقدر على فهم الإنسان.
فمن ضرورة فهم الإنسان أن لا يسلب الحيوانية وليس من ضرورته أن لا يسلب المخلوقية، فإذن ما لا يرتفع في الوجود والوهم جميعا فهو ذاتي، وما يرفع في الوجود والوهم فهوعرضي، وما يقبل الإرتفاع في الوهم دون الوجود فهو لازم غير ذاتي، إلا أن هذا المعيار مع أنه كثير النفع في أغلب المواضع غير مطرد في الجميع فإن من اللوازم ما هو ظاهر اللزوم للشيء، بحيث لا يقدر على رفعه في الوهم أيضا، فإن الإنسان يلازمه كونه متلونا ملازمة ظاهرة لا يقدر الإنسان على رفعه في الوهم وهو لازم لا ذاتي، ولذلك إذا حددنا الإنسان لم يدخل فيه التلون مع أن الحد لا يخلو عن جميع الذاتيات المقومة كما سيأتي في كتاب الحدود.
وكذلك كون كل عدد إما مساو لغيره أو مفاوت فإنه لازم ليس بذاتي، وربما لا يقدر الإنسان على رفعه في الوهم، نعم من اللوازم ما يقدر على رفعه ككون المثلث مساوي الزوايا القائمتين فإنه لازم لا يعرف لزومه للمثلث بغير وسط بل بوسط، فلم يكن هذا مطردا فنعدل إلى المعيار الثاني عند العجز عن الأول ونقول: إن كل معنى إذا أحضرته في الذهن مع الشيء الذي شككت في أنه لازم له أو ذاتي، فإن لم يمكنك أن تفهم ذات الشيء إلا أن يكون قد فهمت له ذلك المعنى أولا، مساوية لقائمتين فهو كالحيوان وانسان
1 / 96