وهي أيضا أقسام: فمنها ما يقع في أحوال الصيغة كالإسم الذي يتحد فيه بناء الفاعل والمفعول نحو المختار فإنك تقول زيد مختار والعلم مختار، وأحدهما بمعنى الفاعل، والآخر بمعنى المفعول وكالمضطر وأشباهه. ومنها ما يقع على عدة أمور متشابهو في الظاهر مختلفة في الحقيقة لا يكاد يوقف على وجه مخالفتها كالحي الذي يطلق على الله وعلى الإنسان وعلى النبات والنور الذي يطلق على المدرك بالبصر المضاد للظلام، وعلى العقل الهادي إلى غوامض الأمور.
فإن قال قائل: فما مثال المستعار؟ قلنا: مثاله استعارة أطراف الحيوان لغير الحيوان كقولهم: رأس المال، وجه النهار، عين الماء، حاجب الشمس، أنف الجبل، ريق المزن، يد الدهر، جناح الطريق، كبد السماء، وكقولهم: بيه سمع الأرض وبصرها، وكقولهم: أيد للشر ناجذيه، ودارت رحى الحرب، وشابت مفارق الجبال، وكقولهم: الشيب عنوان الموت، والرشوة رشا الحاجة، العيال سوس المال، الوحدة قبر الحي، الإرجاف زند الفتنة، الشمس قطيفة مباحة للمساحين.
ومن إستعارات القرآن: (وَأَنّهُ في أُم الكِتابِ لِتُنذِرَ بِهِ أُمَّ القُرى وَمَن حَولَها) (وَاخفِض لَهُمَا جُناحَ الذُلِّ مِنَ الرَحمَة) (وَالصُبحِ إِذا تَنَفَس» (فَأذاقَها الله لِباسَ الجُوعِ وَالخَوفِ) (كُلَّما أَوقَدوا نَارًا لِلحَربِ أَطفَأَها الله) (أَحاطَ بِهِم سُرادِقُها) (فَما بَكَت عَلَيهِمُ السماء والأرض) (واشتعل الرأس شيبا) (فصب عليهم ربك سوط عذاب) (ولما سكت عن موسى الغضب) ونظائره مما يكثر، وهذه الإستعارات بنوع مناسبة بين المستعار والمستعار منه،
1 / 87