فالبحث النظري بالطالب إما أن يتجه إلى تصو أو إلى تصديق، والموصل إلى التصور يسمى قولا شارحا فمنه حد ومنه رسم، والموصل إلى التصديق يسمى حجة فمنه قياس ومنه استقراء وغيره. ومضمون هذا الكتاب تعريف مبادىء القول الشارح لما أريد تصوره حدا كان أو رسما، وتعريف مبادىء الحجة الموصلة إلى التصديق قياسا كانت أوغيره مع لا تنبيه على شروط صحتها ومثار الغلط فيهما. فإن قلت: كيف يجهل الإنسان العلم التصوري حتى يفتقر إلى الحد؟ قلنا بأن يسمع الإنسان إسما لا يفهم معناه كمن قال: ما الخلاء وما الملاء وما الملك وما الشيطان وما العقار؟ فتقول: العقار هو الخمر، فإن لم يفهمه باسمه المعروف أفهمه بحده. وقيل: إن الخمر شراب معتصر من العنب مسكر، فيحصل له علم تصوري بذات الخمر. وأما العلم التصديقي فبأن يجهل الإنسان مثلا أن للعالم صانعا، فيقول: هل للعالم صانع؟ فتقول: نعم للعالم صانع. وتعرفه صدق ذلك بالحجة والبرهان على ما سنوضحه، فهذا مضمون الكتاب.
1 / 68