يقول: «لم نستعن على الكذَّابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم وُلِدت؟
فإذا أخبر بمولده عرفنا كذبه من صدقه».
قال أبو حسان: «فأخذتُ في التاريخ، فأنا أعمله من ستين سنة» (^١).
وقال الخطيب في «الكفاية»: «ومما يُستدل به على كذب المحدِّث في روايته عمن لم يُدركه؛ معرفة تاريخ موت المروي عنه ومولد الراوي» (^٢).
وقد استعمل الخطيب هذه الطريقة في «تاريخ بغداد»، فقد روى في ترجمة محمد بن مزيد بن أبي الأزهر عن الأزهري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا علي بن مسلم الطوسي قال: حدثنا سعيد بن عامر، عن قابوس بن أبي ظَبْيان، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد الله ﵁ -قال: وحدثنا مرة أخرى، عن أبيه، عن جابر- قال: رأيتُ رسول الله ﷺ وهو يَفْحَجُ بين فخذي الحسين (^٣) ويُقَبِّل زُبَيْبَتَه ويقول: «لعنَ اللهُ قاتِلَك». قال جابر: فقلتُ: يا رسول الله ومَن قاتلُه؟ قال: «رجلٌ مِن أُمَّتي يبغض عِتْرتي لا ينالُه شفاعتي، كأني بنفسِه بين أطباق النيرانِ يرسبُ تارةً ويطفو أخرى، وأن جوفه ليقول: غق غق».
ثم قال: «هذا الحديث موضوعٌ إسنادًا ومتنًا، ولا أبعد أن يكون ابن أبي الأزهر وضعه ورواه عن قابوس (^٤) عن أبيه عن جدِّه عن جابر، ثم
(^١) «الجامع لأخلاق الراوي» (١/ ١٣١).
(^٢) «الكفاية» (ص: ١١٩).
(^٣) أي: باعد ما بين فخذيه. «تاج العروس» (ف ح ج).
(^٤) هو قابوس بن أبي ظَبْيان الكوفي، فيه لين. «تقريب التهذيب» (ص: ٤٤٩ رقم ٥٤٤٥).