Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

Ibrahim ibn Ali al-Nu'mani d. 898 AH
70

Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

Yayıncı

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Yayın Yeri

https

Türler

عن مروان بن معاوية بإسناد حديث هذا الباب: (ثمَّ قرأَ جريرُ) أي الصحابي، وكذا أخرجه أبو عَوانة في «صحيحه» يعلى بن عُبَيْد عن إسماعيل بن خالد، فظهر إنَّه وَقَعَ في سياق حديث الباب وما وافقه إدراج. قال العلماء: وجه مناسبة ذكرها بين الصلاتين عند ذكر الرواية أنَّ الصَّلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لها بين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النَّظر إلى الله تعالى. وقيل: لما حقق رؤية الله تعالى برؤية القمر والشَّمس، وهما آيتان عظيمتان شرعت لكسوفهما الصَّلاة والذكر، ناسب من يحب رؤية الله أن يحافظ على الصَّلاة عند غروبها. انتهى. قوله: (فَسَبَّحْ) التلاوةُ: ﴿وَسَبِّحْ﴾ بالواو لا بالفاء. قلت: وقد اختلف المحدِّثون في أنَّه إذا رُوي شيء على خلاف الصَّواب هل يصلح أو يقرأ كما هو؟ الأكثرون على أنَّه يقرأ على الصواب، وهذه المسألة لم يتعرض لها شيخنا ولا العَيني ههنا، وكان ينبغي التنبيه عليها. انتهى. والمراد بالتسبيح الصلاة. وهذا ما سبق الوعد به من ذكر اختلاف الروايات في قوله: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ لَا تُضَامُوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ)، وفي لفظ للبخاري: «إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ» وفي التفسير: «فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ»، وعند اللالكائي عن البخاري: «إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُوْنَ عَلَى رَبِّكُمْ وَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ»، وعند الدَّارَقُطْني: وقال زيد بن أبي أُنَيْسَة: «فتنظرُونَ إليهِ كما تنظرُونَ إلى هذا القمرِ»، وقال وكيع: «ستعاينُونَ»، وسيأتي عند البخاري عن أبي هريرة وأبي سعيد: «هَلْ تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمس فِي الظَّهِيْرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: هَلْ تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ فِيْهِ سَحَابَةٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ إلَّا كَمَا تُضَارُّوْنَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا»، وعن أبي موسى عنده بنحوه. وعن أبي رَزِين العُقَيلي: «قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَكُلُّنَا يرى ربَهُ مَخليًّا بهِ يومَ القيامةِ؟ قالَ: نعم، قالَ: وما آيةُ ذلكَ في خلقهِ؟ قالَ: يا أبا رَزِين، أليس كلُّكم يرى القمرَ ليلةَ البدرِ مَخليًّا بهِ؟ قالَ: فاللهُ أعظمُ وأجلُّ، وذلكَ آيتهُ في خلقهِ». وعند ابن ماجَهْ عن جابر: «بينا أهلُ الجنَّةِ في نعيمِهم إذ سطعَ لهمْ نورٌ فرفعُوا رؤوسَهم، فإذا الربُّ قدْ أشرفَ عليهم، فينظر إليهم وينظرون إليه»، وعن صُهَيب عند مسلم فذكر حديثًا فيه: «فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله تعالى شيئًا أحبُّ إليهم من النظر إليه». وفي «سنن اللَّالَكائي» عن أَنَس وأُبَي بن كعب وكعب بن عُجْرَة: «سئلَ رسولُ اللهِ ﷺ عنِ الزيادةِ في كتابِ اللهِ تعالى، قالَ: النَّظرُ إلى وجهِه». انتهى. استدلَّ بهذه الأحاديث وبالقرآن وإجماع الصحابة ومن بعدهم على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، وقد روى أحاديث الرؤية أكثر من عشرين صحابيًا، وقال أبو القاسم: روى رؤية المؤمنين لربِّهم ﷿ في القيامة: أبو بكر، وعلي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وأبو موسى، وابن عباس، وابن عمر، وحذيفة، وأبو أُمامة،
وأبو هريرة، وجابر، وأنس، وعمَّار بن ياسر، وزيد بن ثابت، وعبادة بن الصَّامت، وبُرَيدة بن حَصِيب، وجُنادة بن أبي أُميَّة، وفَضَالة بن عُبَيْد، ورجل له صحبة من النَّبِيِّ ﷺ، ثمَّ ذكر أحاديثهم بأسانيد غالبها جيدة. وذكر أبو نُعَيم الحافظ في كتاب «تثبيت النظر»: أبا سعيد الخدري، وعُمارة بن رُؤيبة، وأبا رَزِين العُقَيلي، وأبا بَرزة، وزاد الآجري في كتاب «الشريعة»، وأبو محمَّد عبد الله بن محمَّد المعروف بأبي الشيخ في كتاب «السنَّة الواضحة» تأليفِهما: عديَّ بن حاتم الطَّائي بسند جيد. والرؤية مختصَّة بالمؤمنين ممنوعة من الكفَّار، وقيل: يراه منافقو هذه الأمَّة، قال العَيني: وهذا ضعيف، والصحيح: أنَّ المنافقين كالكفَّار باتِّفاق العلماء، وعن ابن عُمَر وحُذَيفة: من أهل الجنَّة من ينظر إلى وجهه تعالى غدوة وعشيَّة. انتهى. قلت: فائدةٌ: رؤية الله تعالى في الدُّنْيا جائزة عقلًا وشرعًا لنبيِّنا ﵊، ولغيره عقلًا فقط، وفي الآخرة جائزة عقلًا وشرعًا له ولغيره. انتهى. ومنع من ذلك المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة، واحتجُّوا في ذلك بوجوه: الأوَّل: قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقالوا: يلزم من نفي الإدراك بالبصر نفي الرؤية. الثاني: قوله تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣]، و(لن) للتأبيد بدليل قوله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا﴾ [الفتح: ١٥]، وإذا ثبت في حقِّ موسى عدم الرؤية ثبت في حقِّ غيره. الثالث: قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولً﴾ [الشورى: ٥١] الآية، فالآية دلَّت على أنَّ كلَّ من يتكلَّم الله معه فإنَّه لا يراه، فإذا ثبت عدم الرؤية في وقت الكلام ثبت عدم الرؤية في غير وقت الكلام ضرورةَ إنَّه لا قائل بالفصل. الرابع: أنَّ الله تعالى ما ذكر في طلب الرؤية في القرآن إلَّا وقد استعظمه وذم عليه، وذلك في آيات، منها قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [البقرة: ٥٥]. الخامس: لو صحَّت رؤية الله تعالى لرأيناه الآن، فالتالي باطل والمقدَّم مثله. لنا أهل السنَّة ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة، وقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿كَلَّا أنَّهم عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ٥٥]، فهذا يدلُّ على أنَّ المؤمنين لا يكونون محجوبين. والجواب عن قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]: أنَّ المراد من الإدراك الإحاطةُ، ونحن أيضًا نقول به، وعن قوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣]: أنَّا لا نسلِّم أنَّ (لن) تدلُّ على التأبيد بدليل قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ [البقرة: ٩٥]، مع أنَّهم يتمنَّونه في الآخرة، وعن قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إلَّا وَحْيًا﴾ [الشورى: ٥١] الآية: أنَّ الوحي كلام يسمع بالسرعة، وليس فيه دلالة على كون المتكلِّم محجوبًا عن نظر السامع أو غير محجوب عن نظره، وعن قوله: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى﴾ [البقرة: ٥٥] الآية: أنَّ الاستعظام لم لا يجوز أن يكون لأجل طلبهم الرؤية على سبيل التعنُّت والعناد، بدليل الاستعظام في نزول الملائكة في قوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا المَلَائِكَةُ﴾ [الفرقان: ٢١]، ولا نزاع في جواز ذلك. والجواب عن قولهم: لو صحَّت رؤية الله تعالى... إلخ، أنَّ عدم الوقوع لا يستلزم عدم الجواز، فإنَّ قالوا: الرؤية لا تتحقَّق إلَّا بثمانية أشياء: سلامة الحاسة، وكون الشيء بحيث يكون جائز الرؤية، وأن يكون المرئي مقابلًا للرائي أو في حكم المقابل، فالأوَّل كالجسم المحاذي للرائي، والثاني

1 / 70