فقد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم.
فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء، قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} [الفرقان: 23].
قال بعض السلف: رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية.
وقال بعض العارفين: إني أستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي إلى الخلاء.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بشيء من اللهو فيكون ذلك عونا لي على الحق، وقال علي كرم الله وجهه: روحوا القلوب فإنها إذا أكرهت عميت.
ولقد كان معروف الكرخي -رحمه الله تعالى- يضرب نفسه ويقول: يا نفسي أخلصي تتخلصي.
وقال يعقوب المكفوف: المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
وقال سليمان: طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى.
وكتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعري: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس وكتب بعض الأولياء إلى أخ له: أخلص النية في أعمالك يكفك القليل من العمل.
وقال أيوب السختياني: تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال.
عشرة لا ينتفع بها:
يقول ابن القيم: عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها:
علم لا يعمل به.
وعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء.
ومال لا ينفق منه فلا يستمتع به جامعه في الدنيا ولا يقدمه أمامه في الآخرة.
وقلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأنس به.
وبدن معطل من طاعته وخدمته.
Sayfa 10