الكذب على الأعداء
في معركة أجنادين، احتاج عمرو بن العاص - رضي الله عنه - إلى معرفة شيء عن جيش الروم، فقرر الذهاب إلى قائد الروم على أنه رسول من قائد المسلمين إليه، ولما انتهى عمرو من مهمته، وقام ليخرج فأرسل القائد إلى حراسه أن يقتلوا عمرا عند خروجه، وأثناء خروج عمرو ناداه رجل كان يعرفه، وحذره من غدر الروم، قائلا: أحسنت الدخول فأحسن الخروج، ففهم عمرو، ورجع إلى القائد، وقال له: إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي، وإني واحد من عشرة أرسلنا عمر بن الخطاب لنكون مع عمرو بن العاص قواد جيشه، وقد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك، ففرح القائد بذلك، ووجدها فرصة ثمينة ليقتل عشرة من المسلمين، فقال لعمرو: اذهب وأحضرهم، وأرسل للحراس ألا يتعرضوا له بسوء، فنجا عمرو وعاد إلى جيشه سالما، فلما علم قائد الروم بهذه الحيلة، قال: خدعني الرجل، هذا والله أدهى العرب.
أبو سفيان
ذهب أبو سفيان بن حرب ومعه بعض القرشيين إلى الشام للتجارة، فأرسل إليهم هرقل ملك الروم يطلب حضورهم، فلما جاءوا إليه دال لهم: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: أنا أقربهم نسبا، فقال هرقل: أدنوه مني واجعلوا أصحابه خلفه، ثم قال لهم: إني سائل هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فقال أبو سفيان: لولا الحياء أن يروا علي كذبا لكذبت، فأخذ هرقل يسأله عن صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - ونسبه وأصحابه وأبو سفيان لا يقول إلا صدقا حياء.
أنكحك الصدق
كان لسيدنا بلال بن رباح الحبشي، مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخ يريد الزواج من امرأة من قبيلة مخزوم، وهي قبيلة عريقة في حسبها ونسبها، ولم تكن ترضى بمثل بلال صهرا لها، فلما أصر أخوه على أن يخطب هذه المرأة رضخ بلال لقوله، وتوجه معه إلى أشراف مخزوم، وعرض عليهم رغبة أخيه في مصاهرتهم، وقال لهم: يا قوم، نحن من قد عرفتم، كنا عبيدا فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وكنا فقراء فأغنانا الله، وإني أخطب منكم ابنتكم لأخي، فإن تنكحوها له فالحمد لله، وإن تردونا عن قصدنا، فسوف يغنينا الله.
Sayfa 45