الفرج بعد الشدة
حج رجل علوي فلما طاف بالبيت وأدى نسكه وأراد الخروج إلى "منى" أودع رحله وما كان معه بيتا وقفل بابه، فلما عاد وجد الباب مفتوحا والبيت فارغا.
قال: فتحيرت ونزلت بي شدة ما رأيت مثلها فاستسلمت لأمر الله، ومضى علي ثلاثة أيام ما طعمت فيها شيئا.
فلما كان اليوم الرابع بدأ بي الضعف وخفت على نفسي وذكرت قول جدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ماء زمزم لما شرب له" [رواه ابن ماجه] فخرجت حتى شربت منها ورجعت لأستريح فعثرت في الطريق بشيء فأمسكته فإذا هو هميان (¬1) داخله ألف دينار، فجلست في الحرم وناديت: من ضاع منه شيء فليأتني بعلامة ويأخذه.
وانقضى يومي ولم يأتني أحد، فغدوت إلى الصفا والمروة في اليوم الثاني فوقفت عندهما يومي فلم يأتني أحد.
فضعفت ضعفا شديدا فجئت على باب "إبراهيم" فقلت قبل انصراف الناس: قد ضعفت عن النداء فمن رأيتموه يطلب شيئا قد ضاع فأرشدوه إلي.
فلما كان وقت المغرب إذا أنا بخراساني ينشد ضالته فصحت به وقلت: صف ما ضاع منك. فأعطاني صفة الهميان بعينه وذكر وزن الدنانير وعدتها فقلت: إن أرشدتك إليه تعطيني مائة دينار. قال: لا.
قلت: فخمسين. قال: لا.
فلم أزل أنازل إلى أن بلغت إلى دينار واحد فقال: لا، إن رده من هو عنده إيمانا واحتسابا وإلا فهو الضر، ثم ولى لينصرف فخفت الله وأشفقت إن يفوتني الخراساني فصحت به: ارجع، فأخرجت الهميان ودفعته له، فمضى وجلست ومالي قوة على المشي إلى بيتي.
فما غاب عني حينا حتى عاد إلي فقال: من أي البلاد أنت ومن أي الناس أنت؟
قلت: وما عليك من أمري هل بقى لك عندي شيء؟
Sayfa 38