وسمع أصحابه بموت ولده فقالوا: الآن يضيع الشيخ فقد كان ابنه بارا لوالديه أشد البر مطيعا لهما لأجمل ما تكون طاعة الوالد فسمعهم الشميخ فبقى متعجبا يتمتم: أنا أضيع؟
حتى إذا واراه التراب وقف على قبره يقول: رحمك الله يا بني، والله لقد كنت بي بارا، ولقد كنت عليك حدبا، وما بي إليك من وحشة، وما إلى أحد بعد الله فاقة، ولا ذهبت لنا بعز، ولا أبقيت علينا من ذلك، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك.
يا ذر لولا هول المطلع ومحشره لتمنيت ما صرت إليه فليت شعري يا ذر ما قيل لك وماذا فعلت.
اللهم إنك وعدتني الثواب بالصبر على ذر اللهم فعلى ذر صلواتك ورحمتك، اللهم إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر لذر صلة مني، فتجاوز عنه فإنك أرحم به مني وأكرم. فلما ذهب لينصرف قال: يا ذر قد انصرفنا وتركناك ولو أقمنا ما نفعناك.
يقول عمرو بن جرير فبقى القوم متعجبين مما ظنوا بالشيخ ومما رأوا من رضاه عن الله وتسليمه له.
من لطائف الأدب
في نداء أيوب لربه أنه لم يسأله شيئا معينا كالشفاء، إنما اكتفى بأن ذكر نفسه بالحاجة والضعف وذكر ربه بما هو أهله: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} [الأنبياء: 83].
فهم خاطيء
ويظن بعض الناس أن الإسلام يمجد الآلام لذاتها ويكرم الأوجاع، وهذا خطأ، فعن أنس بن مالك قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيخا يهادى بين ابنيه، فقال: ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله عن تعذيب هذا لغني، وأمره أن يركب [رواه البخاري].
وعن ابن عباس أن أخت عقبة نذرت الحج ماشية، وذكر عقبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها لا تطيق ذلك، فقال رسول الله: "إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة" [رواه أبو داود].
{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} [النساء: 147].
Sayfa 36