أقول : وهذه اللغة التي قرأ بها عامة القراء ( ولا تعثوا )، لم تبق في العربية المعاصرة ، بل بقي مقلوبها وهو عاث يعيث.
ومن المفيد أن أشير إلى أن بين الأجوف والناقص تبادلا في الصيغ ، يتبين في طائفة من الأفعال منها : رأى وراء ، وأنى وآن ، وعثا وعاث وغير ذلك.
9 قال تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ) (84).
أقول : عقب الله جل وعلا على القتل الذي عبر عنه بسفك الدماء بالإجلاء عن الديار. وهذا يعني أن العدوان بالإجلاء يأتي بعد اقتراف القتل في قسوته وفظاعته.
10 قال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ) (91).
أقول : إن لغة الحوار تستدعي استحضار الأحوال الماضية ، وهذا يسوغ بل يوجب استعمال صيغة الفعل الحاضر في سياق الماضي ، فجاء في الآية : نؤمن ، فلم تقتلون أنبياء الله ، وقد عبر عنه أهل العلم من المتقدمين بقولهم : حكاية حال ماضية.
11 قال تعالى : ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة ) [الآية 128].
( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ) (131).
( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) (132).
أقول : المراد بمادة «أسلم» في هذه الآيات الخضوع والإذعان ، وقوله تعالى : ( مسلمين لك ) مخلصين لك وجهينا ، وهو من قوله تعالى : ( أسلم وجهه لله ). أي : أخلص وجهه وأذعن وخضع. ومن هنا كانت كلمة «الإسلام» بمصطلحها المعلوم مشيرة إلى أن «المسلم» من أسلم وجهه لربه ، وخضع وأذعن وأطاع.
12 قال تعالى : ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ) (138).
Sayfa 102