Metafizikten Pozisyonlar
موقف من الميتافيزيقا
Türler
وقد كان حسبنا أن نلاحظ الأسماء التي أطلقها «كانت» على مؤلفاته، كيف اشتملت على كلمة «نقد» (نقد العقل الخالص، نقد العقل العملي، نقد الحكم)؛ لنعلم منذ اللحظة الأولى أنه قد أراد بكتبه تحليلا في هذا المجال أو ذاك، لكننا قبل أن نحدد المراد بالطريقة «النقدية» عند «كانت»، يحسن بنا أن نشرح فكرة «الفروض السابقة»
2
بقسميها النسبي والمطلق؛ لأنها ستلقي ضوءا شديدا يعين القارئ على إدراك الطريقة النقدية إدراكا واضحا جليا.
كل عبارة ينطق بها الإنسان ليصف بها شيئا مما يصادفه في خبرته، أو يعبر بها عن فكرة، إنما تتضمن سؤالا سابقا ألقاه المرء على نفسه، أو ألقاه عليه شخص آخر، فجاءت عبارته بمثابة الجواب على هذا السؤال، فإذا نظرت إلى الساعة التي أمامي الآن فقلت: إنها الواحدة إلا عشر دقائق، فذلك القول هو في حقيقة أمره جواب لسؤال - ضمني أو صريح - ألقيته على نفسي، وهو: «كم الساعة الآن؟» وإذا قلت عن فلان إنه هو المسئول عن كسر الفنجان، كان ذلك أيضا جوابا لسؤال: «على من تقع التبعة في كسر الفنجان؟» ... وهكذا.
على أن السؤال بدوره يتضمن افتراضا سابقا عليه، افتراض حقيقة معينة أو عقيدة بذاتها، يستند إليها السائل في سؤاله، فلولا أنني أعلم أن الساعة التي أمامي تقيس الزمن وتخبر به، لما أمكنني أن أسأل ناظرا إليها: «كم الساعة الآن؟» ولولا أنني أعتقد في أن الإنسان مسئول عن بعض أعماله، لما أتيح لي أن أسأل عمن تقع عليه تبعة كسر الفنجان.
ويلاحظ أن العبارة التي تقولها تصف بها شيئا أو تعبر بها عن فكرة، إنما يتوقف قول السامع لها على اعتقاده في صدقها، سواء أكان في ذلك مخطئا أم مصيبا. أما الفروض التي تنطوي عليها العبارة، أعني تلك الفروض المتضمنة التي لولاها لما أمكن قول العبارة، فليست هي مما يعتمد في قبوله على كونه صادقا؛ لأنه لو خضع «الفرض» إلى مقاييس الصدق والكذب، لما كان «فرضا»، بل عبارة تصف هي الأخرى شيئا أو تعبر عن فكرة.
إن قولي: «(1) لو كان عندي عشرة آلاف جنيه، (2) كنت أغنى فرد في أسرتي.» مؤلف من جزأين: (1) فرض. (2) حقيقة تترتب على الفرض. فها هنا يجوز لك أن تصف الجزء الثاني من العبارة بأنه صادق أو بأنه كاذب، بناء على الحالة الواقعة فيما يختص بالثروة التي يملكها كل من أفراد أسرتي. أما الجزء الأول من العبارة، وهو الفرض: «لو كان عندي ...» فليس هو بمتوقف في قبوله على شيء من حالات الواقع، وبالتالي لا يكون متوقفا في قبوله على صدقه.
غير أن الفرض المتضمن في العبارة التقريرية التي أصف بها شيئا، هو بدوره قد يكون متضمنا لفرض سابق عليه - وعندئذ يكون فرضا نسبيا؛ أي إنه يكون فرضا بالنسبة للعبارة المترتبة عليه، لكنه يكون قضية تقريرية بالنسبة للفرض السابق عليه - أو قد يكون فرضا نهائيا لا يتضمن وراءه أي افتراض أسبق منه، وعندئذ يكون فرضا مطلقا؛ أي إن هناك أقوالا كثيرة واعتقادات كثيرة متوقفة عليه، أما هو فمفروض بذاته من غير استناد إلى فرض أعم منه.
بعبارة أخرى، إذا أمكن أن تسأل سؤالا عن الفرض المتضمن، كان ذلك دليلا على أنه فرض نسبي، معتمد على فروض أسبق منه، إذ لولا أسبقية تلك الفروض الأخرى لما أمكن إلقاء السؤال، وأما إذا رأيت استحالة أن يسأل عن الفرض المتضمن، فاعلم أنه إذن لا بد أن يكون فرضا مطلقا لا يسبقه فرض آخر.
لو قال قائل، مثلا: حمى هذا المريض سببها الذباب، فإن قوله يتضمن اعتقادا سابقا هو أن لهذه الظاهرة المعينة سببا، فلو سألته: وما الذي أدراك أن لهذه الظاهرة سببا بحيث رحت تبحث عنه؟ فقد يجيبك بقوله: لأن لكل شيء سببا، عندئذ يكون المتكلم قد وصل إلى الفرض المطلق في تفكيره في هذه الناحية التي نتحدث عنها، بدليل أنك لو عدت فسألته: وكيف عرفت أن لكل شيء سببا؟ أخذه الغضب أو أخذته الحيرة؛ لأنه يرى الأمر عندئذ لا يحتمل سؤالا؛ أي إنه فرض مطلق لا يتوقف على فرض سابق عليه.
Bilinmeyen sayfa