بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَبِه نستعين
الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام الأتمان الأكملان على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه البزرة أَجْمَعِينَ، وَبعد: قَالَ الصَّدرُ الإِمَام والحبر الْهمام الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل، أَبُو الْفَضَائِل الْحسن بن مُحَمَّد الصغاني، الملتجئ إِلَى حرم الله، أدخلهُ إِلَى جنابه، وَخَصه بمزيد لطفه ورضوانه وفضله وإحسانه. ... أما بعد؛ فقد قَالَ رَسُول الله ﷺ:
١ - " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فليتبؤا مَقْعَده من النَّار ". وَقَالَ ﵇:
٢ - " لَيْسَ الْكَذِب عَليّ كالكذب على غَيْرِي ".
1 / 23
وَفِي بعض طرق الحَدِيث:
٣ - " سيكذب عَليّ ". وَقَالَ ﵇:
٤ - " من حدث عني بِحَدِيث وَهُوَ يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَذَّابين ". وَقد كثرت فِي زَمَاننَا الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة، يَرْوِيهَا الْقصاص على رُؤُوس المنابر والمجالس، ويذكرها الْفُقَرَاء وَالْفُقَهَاء فِي الخوانق والمدارس وتدوولت فِي المحافل، واشتهرت فِي الْقَبَائِل، لقلَّة معرفَة النَّاس بِعلم السّنَن وانحرافهم عَن السّنَن، وَلم يبْق من عُلَمَاء الحَدِيث إِلَّا قوم (ببلدة عجفرا) . شعر:
1 / 24
(كَأَن لم يكن بَين الحجود إِلَى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر)
كَيفَ لَا، وَالنَّبِيّ ﵇ يَقُول:
٥ - " لَا يَأْتِي (زمَان) إِلَّا وَالَّذِي بعده شَرّ مِنْهُ حَتَّى تلقوا ربكُم ". قَالَ بعض السّلف: " مَا من يَوْم إِلَّا وَتَمُوت فِيهِ سنة، وتحيا فِيهِ بِدعَة ". وَهَذِه الْأَحَادِيث وضعت على رَسُول الله ﷺ وافتريت عَلَيْهِ، أوردهَا كثير مِمَّن ينْسب إِلَى الحَدِيث فِي مصنفاتهم وَلم ينبهوا عَلَيْهَا، فروى الْخلف عَن السّلف، (وبسببه) وَقع الدّين فِي التّلف، ثِقَة بنقلهم واعتمادًا على قَوْلهم، فضلوا وأضلوا، قَالَ رَسُول الله ﷺ:
٦ - " إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعًا (ينتزعه) من النَّاس، وَلَكِن
1 / 25
يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء، حَتَّى إِذا لم يبْق عَالم اتخذ النَّاس رؤوسًا جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بغي علم، فضلوا وأضلوا ".
٧ - فَمِنْهَا الحَدِيث الطَّوِيل الَّذِي يروي عَن [أبي أُمَامَة عَن] أُبي بن كَعْب، المدون فِي أَكثر التفاسير فِي فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة كُله إِلَى آخِره.
1 / 26
على أَن عَامَّة الْمُفَسّرين (رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ) صدورا تَفْسِير كل سُورَة بِمَا يَخُصهَا مِنْهُ.
٨ - والوصايا المنسوبة إِلَى أبي الْحسن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب [كرم الله وَجهه] بأسرها، الَّتِي فِي أَولهَا.
٩ - يَا عَليّ لفُلَان ثَلَاث عَلَامَات، وَلفُلَان ثَلَاث عَلَامَات. وَفِي آخرهَا النَّهْي عَن المجامعة فِي أَوْقَات مَخْصُوصَة، وأماكن مَخْصُوصَة، كلهَا وَضعهَا حَمَّاد بن عَمْرو النصيبي، وَهُوَ عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث مَتْرُوك كَذَّاب.
1 / 27
وَالْأَحَادِيث القدسية المنسوبة إِلَى النَّبِي ﵇:
١٠ - يَا أَحْمد من أحب الدُّنْيَا وَأَهْلهَا ... [إِلَى آخِره] و.
١١ - والكلمات المنسوبة إِلَى النَّبِي ﵇ بِالْفَارِسِيَّةِ: شكم درد وعنب دودكونه رد [يَعْنِي: ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ، وَالتَّمْرَة يَك يَك، يَعْنِي: وَاحِدَة وَاحِدَة] و.
١٢ - وَالْأَحَادِيث الَّتِي تروي فِي التَّخَتُّم بالعقيق لَا يثبت فِيهَا شَيْء.
1 / 28
١٣ - والحرز الْمَنْسُوب لأبي دُجَانَة الْأنْصَارِيّ، واسْمه سماك بن خَرشَة، مَوْضُوعَة.
١٤ - ومسند أنس بن مَالك الَّذِي يروي عَن جَعْفَر بن مهارونة الوَاسِطِيّ عَن سمْعَان عَن أنس.
١٥ - وَأَحَادِيث الْأَشَج [مَوْضُوعَة كلهَا]
1 / 29
١٦ - وَأَحَادِيث خرَاش.
١٧ - (وَأَحَادِيث نسطور الرُّومِي) .
١٨ - وَأَحَادِيث يسر.
١٩ - وَأَحَادِيث يغنم ويشنب.
٢٠ - ونسخة إِبْرَاهِيم بن هدبة الْقَيْسِي كلهَا مَوْضُوعَة.
1 / 30
٢١ - وَأَحَادِيث رتن الْهِنْدِيّ مَوْضُوعَة، وَمَا يَحْكِي عَن بعض الجهَال من أَنه اجْتمع بِالنَّبِيِّ ﵇، وَسمع [مِنْهُ] ﵇، ودعا لَهُ النَّبِي، ﵇، بقوله: " عمرك الله " [تَعَالَى] لَيْسَ لَهُ أصل عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث وعلماء السّنة، [و] كلهَا مَوْضُوعَة، وَلم يَعش من الصَّحَابَة مِمَّن لَقِي النَّبِي، ﵇، أَكثر من خمس وَتِسْعين سنة، وَهُوَ أَبُو الطُّفَيْل، فبكوا عَلَيْهِ وَقَالُوا: هَذَا آخر من لَقِي النَّبِي ﵇،
1 / 31
وَاجْتمعَ بالرسول ﵇، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح تَصْدِيقًا لقَوْله ﵇ حِين صلى الْعشَاء الْآخِرَة فِي آخر عمره لَيْلَة، فَقَالَ لأَصْحَابه [رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ]: ٢٢ - " أَرَأَيْتُم ليلتكم هَذِه، فَإِن على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد من الْمُؤمنِينَ " ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى﴾ .
٢٣ - وَأَحَادِيث رتن الْهِنْدِيّ الْمَنْقُول عَنهُ من جنس الْأَحَادِيث الَّتِي تنْسب إِلَى الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ بزعمهم أَنه سَمعه من أبي الْعَبَّاس الْخضر، ﵇. وكل هَذَا لَيْسَ لَهُ أصل يعْتَمد وَلَا قَاعِدَة تقعد، بل ينقلها الْفُقَرَاء فِي زواياهم [وستكون الرِّوَايَة من دراياتهم]، وَدين الْإِسْلَام أشرف من أَن تَأْخُذ من كل جَاهِل عَامي، أَو يثبت بقول كل غافل بقول كل غافل غبي، لقَوْله ﵇:
1 / 32
٢٤ - " ذروني مَا تركتكم، وَإِنِّي تركتكم على [المحجة] الْبَيْضَاء النقية لَيْلهَا كنهارها، إِن تمسكم بهَا لن تضلوا بعدِي: كتاب الله وعترتي، وَاتِّبَاع أَصْحَابِي وسنتي. وَقد نظم بعض أَئِمَّة الحَدِيث أَسمَاء الْكَذَّابين الوضاعين على رَسُول الله ﷺ فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ:
([أَحَادِيث] نسطور وَيسر ويغنم ... وَبعد أشج [الغرب] ثمَّ خرَاش)
(ونسخة دِينَار وأخبار تربه ... أبي هدبة الْقَيْسِي شبه فرَاش)
1 / 33
وَقد قصد لجمع الموضوعات جمَاعَة من الْعلمَاء المعتبرين كَابْن حبَان، وَالْحَاكِم أبي عبد الله النَّيْسَابُورِي، وَأبي الْفرج [بن] الْجَوْزِيّ وَغَيرهم، ﵏.
٢٥ - وَالْأَحَادِيث المنسوبة إِلَى مُحَمَّد بن سرُور الْبَلْخِي كلهَا مَوْضُوعَة.
1 / 34
٢٦ - وَأَحَادِيث شهر بن حَوْشَب كَذَلِك [وَالله أعلم] . فَمن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة قَوْلهم:
٢٧ - " أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ، قَالَ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ... " الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
٢٨ - " قَوْلهم: " مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ ".
1 / 35
٢٩ - وَقَوْلُهُمْ: [الْمُلْكُ وَالدِّينُ تَوْأَمَانِ] .
٣٠ - وَقَوْلُهُمْ: " وُلِدْتُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ ".
٣١ - " وَقَوْلُهُمْ " الإِيمَانُ عُرْيَانٌ وَلِبَاسُهُ التَّقْوَى، وَزِينَتُهُ الْحَيَاءُ، وَثَمَرَتُهُ [الْعِلْمُ] ".
1 / 36
٣٢ - وَقَوْلُهُمْ: " [الْوَلَدُ سِرُّ أَبِيهِ "] .
٣٣ - وَقَوْلُهُمْ: " الْمُسْتَحِي مَحْرُومٌ ".
٣٤ - وَقَوْلُهُمْ: " عَجِّلُوا بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْفَوْتِ، وَعَجِّلُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ ".
٣٥ - وَقَوْلُهُمْ: " حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ ".
1 / 37
٣٦ - وَقَوْلُهُمْ: " الدُّنْيَا جِيفَةٌ، وَطُلابُهَا كِلابٌ ".
٣٧ - وَقَوْلُهُمْ: " الدُّنْيَا قنطرة، فاعتبروها وَلا تُعَمِّرُوهَا ".
٣٨ - وَقَوْلُهُمْ: " الْعِلْمُ عِلْمَانِ، عِلْمُ الأَبْدَانِ، وَعِلْمُ الأَدْيَانِ ".
٣٩ - وَقَوْلُهُمْ: " النَّاسُ كُلُّهُمْ مَوْتَى إِلا الْعَالِمُونَ، وَالْعَالِمُونَ كُلُّهُمْ هَلْكَى إِلا الْعَامِلُونَ كُلُّهُمْ غَرْقَى إِلا الْمُخْلِصُونَ، وَالْمُخْلِصُونَ على خطر عَظِيم " وَمِنْهُم من يَقُول فِي كل: " موتى ".
1 / 38
وَهَذَا الحَدِيث مفترى وملحون، وَالصَّوَاب فِي الْإِعْرَاب: إِلَّا الْعَالمين والعاملين والمخلصين.
٤٠ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامِ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ أَحْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْمَالَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ".
٤١ - وَمِنْهَا الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة فِي فَضِيلَة السراج والقناديل والحصير فِي الْمَسْجِد لم يثبت مِنْهَا شَيْء. بل كَانَت الصَّحَابَة [رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ] يَتَكَلَّمُونَ ويبيعون ويشترون فِي بعض الْأَحَايِين فِي الْمَسْجِد، وينامون فِيهِ أَيْضا، لَكِن بالأدب التَّام والحشمة والاحترام، وَكَذَا [فِي] الْمَقَابِر وَخلف الْجَنَائِز.
1 / 39
٤٢ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " مَنْ كَتَبَ بِقَلَمٍ مَعْقُودٍ، وَتَمَشَّطَ بِمُشْطٍ مَكْسُورٍ، فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْفَقْرِ ".
٤٣ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْخَطِّ فَإِنَّهُ مَفَاتِيحُ الرِّزْقِ ".
٤٤ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " شِرَارُ أُمَّتِي عُزَّابُهَا ".
1 / 40
٤٥ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " لَا هَمَّ إِلا هَمُّ الدِّينِ، وَلا وَجَعَ إِلا وَجَعُ الْعَيْنِ ".
٤٦ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً لَمْ يَبْقَ [مِنْ] ذُنُوبِهِ ذَرَّةٌ ".
٤٧ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " سَلِّمُوا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى يَهُودِ أُمَّتِي " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَهُودُ أمتك؟ قَالَ: " تَارِك الصَّلاةِ ".
1 / 41
٤٨ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فِي الْجَمَاعَةِ - فَكَأَنَّمَا حَجَّ مَعَ آدَمَ [﵇] خَمْسِينَ حَجَّةً، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الظُّهْرِ فِي الْجَمَاعَةِ فَكَأَنَّمَا حَجَّ مَعَ نُوحٍ [﵇] أَرْبَعِينَ حَجَّةً أَوْ ثَلاثِينَ [إِلَى آخِرِهِ] ".
٤٩ - وَمِنْهَا قَوْلهم: " من تَرَكَ صَلاةَ الصُّبْحِ بَرِئَ مِنْهُ الْقُرْآنُ ".
٥٠ - وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: " لَا صَلاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلا فِي الْمَسْجِدِ ".
1 / 42