السابع وهو المختار من تعريفاته لبراءته عما ذكر من الخلل في غيره وتناوله للتصور مع التصديق اليقيني أنه صفة أي أمر قائم بغيره توجب تلك الصفة لمحلها وهو موصوفها تمييزا خرج به عن الحد ما عدا الإدراكات من الصفات النفسانية كالشجاعة وغير النفسانية كالسواد مثلا فإن هذه الصفات توجب لمحلها تميزا عن غيرها ضرورة أن الشجاع بشجاعته ممتاز عن الجبان وكذا الأسود بسواده متميز عن الأبيض وأما الإدراكات فإنها توجب لمحالها تميزا عن غيرها على قياس ما تقدم وتوجب لها أيضا تميزا لمدركاتها عما عداها أي تجعلها بحيث تلاحظ مدركاتها وتميزهما عما سواها بين المعاني أي ما ليس من الأعيان المحسوسة بالحواس الظاهرة فيخرج به إدراكات هذه الحواس فإنها توجب تمييزا في الأمور العينية كما سيصرح به لا يحتمل النقيض أي لا يحتمل متعلق التمييز نقيض ذلك التمييز وبهذا القيد خرج الظن والشك فإن متعلق التمييز الحاصل فيها يحتمل نقيضه بلا خفاء وكذا خرج الجهل المركب لاحتمال أن يطلع في المستقبل صاحبه على ما في الواقع فيزول عنه ما حكم به من الأيجاب أو السلب إلى نقيضه وكذا خرج التقليد لأنه يزول بالتشكيك ومحصله أن العلم صفة قائمة بمحل متعلقة بشيء توجب تلك الصفة إيجابا عاديا كون محلها مميزا للمتعلق تمييزا لا يحتمل ذلك المتعلق نقيض ذلك التمييز فلا بد من اعتبار المحل الذي هو العالم لأن التمييز المتفرع على الصفة إنما هو له لا للصفة ولا شك أن تمييزه إنما هو لشيء تتعلق به تلك الصفة والتمييز وذلك الشيء هو الذي لا يحتمل النقيض وهذا الحد يتناول التصديق اليقيني وهو ظاهر والتصور أيضا إذ لا نقيض له لأن المتناقضين هما المفهومان المتمانعان لذاتيهما ولا تمانع بين التصورات فإن مفهومي الإنسان واللاإنسان مثلا لا يتمانعان إلا إذا اعتبر ثبوتهما لشيء وحينئذ يحصل هناك قضيتان متنافيتان صدقا وكذبا وكذا قولنا حيوان ناطق وحيوان ليس بناطق على التقييد لا يتمانعان إلا بملاحظة وقوع تلك النسبة إيجابا وارتفاعها سلبا أعني التصديقين اللذين أشير بهذين القولين إليهما بعد رعاية شروط التناقض فيهما وإطلاق النقيض على أطراف القضايا سواء كانت تلك الأطراف بمعنى السلب أو بمعنى العدول مجاز على التأويل لا يقال فعلى هذا جميع التصورات علم مع أن بعضها غير مطابق لأنا نقول لا يوصف التصور بعدم المطابقة أصلا فإنا إذا رأينا من بعيد شبحا هو حجر مثلا وحصل منه في أذهاننا صورة إنسان فتلك الصورة صورة للإنسان وعلم تصوري به والخطأ إنما هو في حكم العقل بأن هذه الصورة للشبح المرئي فالتصورات كلها مطابقة لما هي تصورات له موجودا كان أو معدوما ممكنا كان أم ممتنعا وعدم المطابقة في أحكام العقل المقارنة لتلك التصورات فلا إشكال
Sayfa 57