مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم الكتاب
بقلم: فضيلة المحدث، المحقق، الفقيه، الشيخ عبد القادر الأرناؤوط خادم السنة النبوية.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلاة على من لا نبيَّ بعده.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع" للإمام العلامة الفقيه اللغوي شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعليّ، من خيرة ما صنف في موضوعه، من قبل علماء المذهب الحنبلي، إن لم يكن خيرها على الإطلاق، فقد تصدى مؤلفه لأمر هام جدًّا، ألا وهو شرح وبيان ألفاظ كتاب "المقنع" في فقه الإمام أحمد بن حنبل، الذي صنفه الإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي١، وقد تلقاه علماء الحنابلة بالقبول منذ عصر
_________
١ والذي سبق لي التقديم له، والترجمة لمؤلفه في طبعته التي حققها، ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، والأستاذ ياسين محمود الخطيب، ونشرتها مكتبة السوادي بجدة.
1 / 1
مؤلفه وإلى أيام الناس هذه، وعولوا عليه في شرح ألفاظ "المقنع" وفهم معانيها، وأفاد منه علماء المذاهب الأخرى المعتبرة لأهل السنة والجماعة، وأهل اللغة أيضا، لما تضمنه من الشروح الهامة، التي تدل على رسوخ قدم صاحبها في علوم العربية، وعلى فهمه العميق لمذهب الإمام أحمد بن حنبل ودقائق مسائله، ويكفي البعلي فخرا أن يكون تلميذا للإمام ابن مالك النحوي، وأتساذًا للإمام المؤرخ شمس الدين الذهبي، وغيره من كبار أئمة العلم من العلماء الذين شهدهم القرن الثامن الهجري.
وقد اشتهر كتاب البعلي هذا بين العلماء وطلبة العلم على السواء، ونسخت منه نسخ خطية كثيرة في أقطار مختلفة، وبقي مخطوطا إلى أن قام المكتب الإسلامي بدمشق بإخراج طبعته الأولى سنة ١٣٨٥هـ، فأسهم ذلك في تعريف أهل العلم به في العصر الحديث، وأفاد العلماء وطلبة العلم من طبعته تلك فوائد كثيرة، وانتشر بسببها ذكره وشاع خبره.
وقد وفق الله تعالى ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، إلى الوقوف على مصورة نسخة خطية قيمة، من مخطوطاته التي لم تعتمد في إخراج طبعته الأولى، تمتاز بضبط عباراتها ونسخها على يد ناسخ عالم متقن، فأقدم على تحقيق الكتاب تحقيقا جديدًا بالاعتماد عليها، وبالاستعانة بطبعته السابقة، وبالاشتراك مع: الأستاذ ياسين محمود الخطيب، الذي سبق له العمل معه في تحقيق كتاب: "المقنع"، وقاما معا بتحقيق نصوصه وضبطها، وتوثيق تراجمه، وتخريج آياته وأحاديثه وأشعاره، وعلقا عليه تعليقات نافعة مفيدة إن شاء الله، فخرج الكتاب بذلك مستوفيا أسباب النشر العلمي المتقن فيما أرى، فجزاهما الله تعالى خيرا ونفع بهما، وبارك لناشر الكتاب في ماله، الذي أنفق منه على إصدار الكتاب بهذا القدر من الإتقان.
1 / 2
والله أسأل أن ينفع العلماء، وطلبة العلم في بلدان الأمة بهذه الطبعة الجديدة المتقنة من هذا الكتاب العظيم، كما نفع بسابقتها، وأن تعتمد في الكليات، والمعاهد الشرعية، ومراكز البحث العلمي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دمشق، الشام في: ٢٧ / رجب الفرد / ١٤٢٣هـ.
خادم السُّنَّة النبوية
عبد القادر الأرناؤوط
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا ورسولنا، وقدوتنا وقرة أعيننا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع"١، هو العمدة في شرح ألفاظ الفقه الحنبلي، مثاله في ذلك مثال "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي، في شرح ألفاظ الفقه الحنفي٢، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للرافعي، في شرح ألفاظ الفقه الشافعي٣، و"شرح غريب ألفاظ المدونة" للجبي، في شرح ألفاظ الفقه المالكي٤، وقد شرح فيه مؤلفه الإمام العلامة الفقيه، شمس الدين البعلي ألفاظ كتاب
_________
١ وهو، الاسم الوارد في صدر مصورة النسخة الخطية المعتمدة من قبلنا في تحقيق الكتاب، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأن البعلي ﵀ يقول في صدر كتابه، ص "٥"، من طبعتنا وص "١"، من طبعة المكتب الإسلامي بدمشق: "فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ كتاب "المقنع" في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل ﵁، تأليف الإمام أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي، وتقييدها لفظا".
٢ وقد قام بتحقيقه الأستاذان: محمود فاخوري، وعبد الحميد مختار، ونشرته مكتبة أسامة بن زيد بحلب.
٣ وقد قام بتحقيقه الأستاذ: عبد العظيم الشناوي، ونشرته دار المعارف بالقاهرة.
٤ وقد قام بتحقيقه الأستاذ: محمد محفوظ، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت.
1 / 5
"المقنع" في فقه الإمام أحمد، للإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي١، وقد أغناه بتحقيقات وتقيدات وفوائد عزيزة، أبانت عن عمق فهمه، وبعد غوره، وسعة اطلاعه في شؤون العربية والفقه على حد سواء، "ولا نستطيع ونحن نقرأ هذا الكتاب العظيم إلا أن نصنف مؤلفه بين المحققين بمفاهيم عصرنا، وحين نتدبر ما كتب فيه ونتمعنه تظهر لنا السِّمَات الآتية في منهجه:
أعنايته بالنسخة الأصلية لكتاب: "المقنع"، الذي شرح ألفاظه وأبان عن حال غريبه، وكان في مقدمة ذلك، احتفاؤه بنسخة المؤلف التي بخطه واعتداده بها واحتجاجه بما كتب فيها.
ب رجوعه إلى كتب المقدسي الفقهية الأخرى، كـ " المغني"، و"الكافي"، و"الروضة".
ج عدم تغييره لعبارة المقدسي، ومحافظته عليها وبيان رأيه في ذلك، وقد التزم المؤلف بذلك منهج السلف، الذين كانوا لا يغيرون ما وقفوا عليه من الأوهام والأخطاء في الكتب، ويؤثرون الحفاظ على رسمها وصورتها، ولو كان فيها ما هو لحن ومخالف للعربية.
والخلاصة فإن البَعْلِيّ -في كتابه هذا- قد رسم لمن بعده معالم للتحقيق، فليس كتابه شرحًا للغريب فحسب، وإنما هو تحقيق لكتاب "المقنع" وتحرير لنصه، وضبط لألفاظه، وتصحيح لما جاء فيه من الأوهام اليسيرة، وتحر لما كتبه المقدسي، وتخريج لعباراته وتوجيه لها الوجهة الصحيحة.
ويتلخص منهج البعلي في كتابه هذا بالأمور التالية:
١ استقراؤه للألفاظ اللغوية في مواطنها ومظانها، فإن وجد شيئًا أتى
_________
١ الذي سبق لنا تحقيقه، ونشرته مكتبة: السوادي بجدة: سنة ١٤٢١هـ - ٢٠٠٠ م.
1 / 6
به وعزاه إلى مصدره، وإن لم يجد شيئًا ذكر ما انتهى إليه، وقيد ما رآه في تلك اللفظة ومعناها.
٢ الاختصار، والإفاضة في شرحه للألفاظ اللغوية.
٣ تفسير اللغة تفسيرا فقهيا، وتأثره بالفقه، حتى إنه ليذكر أحكاما فقهية في شرحه للألفاظ.
٤ عنايته بتفسير المقدسي وشرحه للألفاظ، فإن كان التفسير في: "المقنع"، بيَّنه، وإن كان في كتاب من كتبه الأخرى كـ"المغني"، و"الكافي"، و"الروضة" ذكره، وقد ينقل آراء المقدسي من كتبه جميعا.
٥ عنايته بذكر المصادر التي نقل عنها، وذلك واضح لمن تصفح الكتاب ونظر فيه.
٦ عنايته بتحرير لغة الكتاب، وقد يخرج عبارة المقدسي، وقد يقترح عبارة أفضل منها، وإن لم يجد مخرجًا، فإنه يخطئ المقدسي فيما ذهب إليه.
٧ عنايته بآراء اللغويين، واحتفاله بها، ولكن ذلك لم يجعله يطرح آراء الفقهاء جانبًا، بل إنه ليذكر الرأي أو التعريف اللغوي، ويذكر إلى جانبه الرأي أو التعريف الفقهي، فيعرف الشيء لغة واصطلاحا.
٨ نظره إلى العرف، وإلى لغة عصره، مع احتفاله بآراء اللغويين والفقهاء، وعنايته بذلك لم يجعله يهمل العرف في تفسير الأشياء"١.
وقد كان معوَّل البَعْلِيّ في شرح ألفاظ كتاب: "المقنع"، على عدد كبير من المصادر اللغوية، نذكر منها ما يلي:
_________
١ عن كتاب: "البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، ص ٧٦-٨٤ للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، باختصار وتصرف وتلخيص.
1 / 7
١ المثلث، لشيخه ابن مالك.
٢ الصحاح، للجوهري.
٣ المُعَرَّب، للجواليقي.
٤ غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلَّام.
٥ مطالع الأنوار على صحاح الآثار، لابن قُرْقُول.
٦ مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض.
٧ بغية الآمال ومستقبلات الأفعال، لأبي جعفر اللَّبْليّ.
٨ شرح الفصيح، لمحمد بن طلحة الإشبيلي.
٩ كتاب الأفعال، لابن القطَّاع.
١٠ إصلاح المنطق، لابن السِّكِّيت.
١١ تهذيب اللغة، للأزهري.
١٢ فعلت وأفعلت، لقطرب.
١٣ المحيط، للصاحب إسماعيل بن عباد.
١٤ الفرق بين الضاد والظاء، لابن فارس.
١٥ الغريبين، للهروي.
١٦ البسيط في التفسير، للواحدي.
١٧ معالم التنزيل، للبغوي.
١٨ الفرق بين الحروف الخمسة، لابن السيد البَطَلْيَوسيّ.
١٩ النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير الجزري.
وغيرها من المصادر الأخرى، التي رجع إليها في مواطن قليلة ولأمور يسيرة١.
_________
١ وقد أفدنا في ذكر أسماء المصادر، التي اعتمد عليها البعليّ في تصنيف "المطلع" من كتاب: "البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، ص: ٢٨-٣٨، باختصار، وتصرف، وتلخيص.
1 / 8
وحين صح العزم منا على تحقيق كتاب: "المقنع" لابن قدامة المقدسي، وباشرنا العمل به، كان لابد لنا من الرجوع إلى كتاب: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبَعْلِيّ١، فأفدنا منه فوائد جليلة في فهم نصوص "المقنع"، والكشف عما أراده المقدسي من كتابه، وفي أثناء تصفحنا "للمطلع" ورجوعنا إليه مرات كثيرة، تبين لنا أنه بأمس الحاجة إلى إخراجه إخراجًا جديدًا، وتحقيقه تحقيقًا مفيدًا ينسجم ومناهج المحققين الكبار في أيامنا، وكان لابد لنا لإخراجه محققًا تحقيقًا مرضيا من الاعتماد على نسخة خطية جيدة منه على الأقل، ووفقنا إلى الوقوف على مصورة لنسخة خطية متقنة مضبوطة في خزانة معهد المخطوطات العربية٢، ثم قمنا من أجل تحقيقه بالخطوات التالية:
١ نسخ الكتاب بالاعتماد على مصورة نسخته الخطية، التي تقدم الكلام عليها.
٢ معارضة المنسوخ على المصورة؛ للتأكد من سلامة النسخ.
٣ معارضة المنسوخ على النسخة المطبوعة سابقًا من الكتاب في المكتب الإسلامي بدمشق.
وقد تبين لنا نتيجة لذلك، أن النسخة المعتمدة من قبلنا في التحقيق، وقد رمزنا لها بالحرف "ش"، اختصارًا لاسم مكتبة شستربتي تمتاز بزيادات
_________
١ في طبعته الوحيدة التي أخرجها المكتب الإسلامي بدمشق سنة "١٣٨٥هـ- ١٩٦٥م".
٢ وقد حصل عليها معهد المخطوطات العربية، من مكتبة شستربتي بدبلن في أيرلندا الشمالية.
1 / 9
كثيرة، وأن النسخة المطبوعة في المكتب الإسلامي بدمشق، وقد رمزنا لها بالحرف "ط"، اختصارًا لكلمة "المطبوعة" تمتاز بزيادات أخرى، فأثبتنا ما أضفناه منها إلى طبعتنا هذه بين حاصرتين في مواطنه، وقد أشرنا إلى ذلك في حواشي التحقيق١.
٤ ضبط نصوص الكتاب بالقدر المستطاع.
٥ تخريج الآيات، والأحاديث، والأشعار.
٦ التعريف بالأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب باختصار، وذكر مصادر التراجم في آخره.
٧ رد ما تيسر لنا رده من النقول في الكتاب إلى مظانها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
٨ شرح ما رأينا أنه بحاجة إلى الشرح من الألفاظ.
٩ ربط فقرات الكتاب ببعضها، ورد إحالات المؤلف إلى مواطنها من الكتاب بالقدر الممكن، وتمييز الألفاظ التي شرحها المؤلف من كتاب: "المقنع"، بإثباتها بحروف سوداء.
١٠ إعداد فهرس للمصادر والمراجع، التي استعنا بها في تحقيق الكتاب والتعليق عليه، وآخر لموضوعاته.
ذلك ما قمنا به في تحقيقنا للكتاب، فإن أحسنا فذلك مما عملنا له جاهدين، وإن أخطأنا ووهمنا فذلك شأن الناس في كل زمان ومكان من الوقوع في الخطأ والوهم.
_________
١ وقد تبين لنا أيضا، أن هناك أرجحية في ترتيب أسماء الأعلام، الذين عرف المؤلف بهم في آخر الكتاب على الوفيات لصالح النسخة المطبوعة سابقا في المكتب الإسلامي بدمشق، ولكن ذلك مما لا يضير طبعتنا هذه بشيء، كما هو معلوم لأهل العلم والتحقيق.
1 / 10
وختامًا: نتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ المحدِّث، المحقق الفقيه، الشيخ: عبد القادر الأرناؤوط، خادم السنة النبوية بدمشق الشام، لتفضله بالتقديم للكتاب، فجزاه الله تعالى خيرا، ونفع به طلبة العلم من المسلمين.
ولكل من كانت له يد في نسخ الكتاب وتصحيحه وتنضيده، ونخص منهم بالشكر الأستاذ: أسامة بدر الدين مراد، الذي أسهم بتصحيح تجربة الطبع الأخيرة، والأستاذ: صلاح الشعال، الذي أسهم بنسخ الكتاب عن مصورة النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق، والأستاذ: محمد ياسر علوان منضدد الكتاب، الذي صبر صبرًا جميلًا على ما اعترض عملنا من التغيير، الذي لازم القراءات الكثيرة، التي قمنا بها أثناء عملنا في تدقيق الكتاب وتصحيح تجاربه، فجزاهم الله تعالى كل خير وأحسن إليهم.
ولمن كان السبب في طبع الكتاب، وإخراجه في طبعته الجديدة هذه، التي نرجو الله مخلصين أن تحظى بالقبول من العلماء، وطلبة العلم على السواء إن شاء الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دمشق، الشام، في غرة رجب المعظم، لعام ١٤٢٣هـ.
المحققان.
1 / 11
ترجمة المؤلِّف*:
هو، محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل، البعليّ، البعلبكي الحنبلي، النحويّ اللغويّ، الفقيه المحدث، أحد مفاخر الحنابلة وبلاد الشام في عصره.
ولد، ببعلبك سنة خمس وأربعين وست مئة١، وفيها نشأ وعاش سنوات حياته الأولى، وشرع بطلب العلم فيها، وسمع من كبار
_________
* ترجمته في: "العبر": ٤/ ٢١، و"معجم الشيوخ": للذهبي: ٢/ ٣٢٤، و"الإعلام بوفيات الأعلام": ٢٩٧، و"المعين في طبقات المحدثين": ٢٢٨، و"تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٥٠١، و"برنامج الوادي آشي": ١٣٤، و"ذيل طبقات الحنابلة": ٢/ ٣٥٦، و"المقصد الأرشد": ٢/ ٤٥٨، و"الوافي بالوفيات": ٤/ ٣١٦، و"أعيان العصر": ٥/ ٥١، و"الدرر الكامنة": ٤/ ١٤٠، و"المنهج الأحمد": ٤/ ٣٧٩، و"ذيول العبر": ٤٧، و"بغية الوعاة": ١/ ٢٠٧، و"شذرات الذهب": ٨/ ٣٨، و"الأعلام": ٦/ ٣٢٦، و"معجم المؤلفين": ٣/ ٥٨٠، و"سير أعلام النبلاء": في القسم غير المنشور منه في مؤسسة الرسالة.
ومن أحسن ما كتب في ترجمته وآثاره، الكتاب الهام الذي أصدرته مكتبة الطالب الجامعي، بمكة المكرمة للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد بعنون: "البعلي اللغوي، وكتاباه: شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد" وقد أفدنا منه فوائد جمة في كتابة هذه الترجمة المختصرة ومقدمة التحقيق.
١ وقيل سنة أربع وأربعين وست مئة، انظر: "الوافي بالوفيات"، و"المنهج الأحمد".
1 / 12
شيوخها، كشيخ الإسلام محمد بن أحمد اليونيني الحنبلي١، ثم رحل إلى دمشق واستقر فيها وأخذ عن جمع من شيوخ العلم ممن كان بها آنذاك، كإبراهيم بن خليل الآدمي٢ ومحمد بن عبد الهادي المقدسي الجماعيلي٣ وابن عبد الدائم المقدسي الصالحي٤ وغيرهم، فجمع بذلك بين الفقه والحديث، وهو أمر هام جدا للمشتغل بالعلم فقها وحديثا، فلابد للمحدث من معرفة الفقه، وللفقيه من معرفة الحديث معرفة جيدة.
ثم لزم الإمام العلامة حجة العرب محمد بن عبد الله بن مالك الجياني الأندلسي النحوي اللغوي نزيل دمشق وصاحب "الألفية" في النحو٥، فجمع بذلك النحو والعربية إلى الفقه والحديث، وذلك أمر هام للغاية أيضا لكل مشتغل بالعلم في كل زمان ومكان، وهذا ما جعل البعلي من بعد ذلك من أعلى علماء زمانه مكانة وأرفعهم شأنا بما عرف عنه من بعد الغور في فهم عبارات أهل اللغة وأهل الفقه وأهل الحديث بصورة عامة.
وحين ذاع صيت البعلي، وعلت مكانته، وراتقت معارفه، وحسنت
_________
١ انظر ترجمته ومصادرها في: "مختصر طبقات علماء الحديث" ٤/ ٢٢٣ و" المنهج الأحمد" ٤/ ٢٨٦ و"شذرات الذهب" ٧/ ٥٠٨.
٢ انظر ترجمته ومصادرها في "الإعلام بوفيات الأعلام" ٢٧٥ و"العبر" ٥/ ٢٤٤ و"شذرات الذهب" ٧/ ٥٠٥.
٣ انظر ترجمته ومصادرها في: "سير أعلام النبلاء" ٢٣/ ٣٤٢ و"الوافي بالوفيات" ٤/ ٦١ و"شذرات الذهب" ٧/ ٥١٠.
٤ انظر ترجمته ومصادرها في: "الوافي بالوفيات" ٧/ ٣٤ و"المنهج الأحمد" ٤/ ٢٩٧ و"شذرات الذهب" ٧/ ٥٦٧.
٥ انظر ترجمته ومصادرها في "طبقات الشافعية الكبرى" ٨/٦٧ و"البداية والنهاية" ١٣/ ٢٦٧ و"بغية الوعاة" ١/ ١٣٠ و"شذرات الذهب" ٧/ ٥٩٠ و"الأعلام" ٦/ ٢٣٣.
1 / 14
أهدافه، قصده طلبة العلم ممن أدركه للأخذ عنه والاستفادة من مجالسته، فأخذ عنه جمع غفير من الطلبة ممن حصلوا من بعد شهرة عمت الآفاق، كالإمام شمس الدين الذهبي١، والإمام نجم الدين الطوفي الصرصري٢، والإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية٣.
ولم تقتصر جهود البعليّ على التدريس وتخريج الطلبة وحسب، وإنما انصبت بمعظمها على التأليف والتصنيف، ورغبة في عدم الإطالة سنقتصر في الحديث على أهم كتبه ورسائله، ومعظمها في اللغة، والبعض منها في الفقه والحديث ورجاله٤.
فمن مصنفاته في الفقه كتابه: "شرح الرعاية"، وهو شرح مفصل مفيد نافع لكتاب "الرعاية" لنجم الدين ابن حمدان٥.
ومن مصنفاته في الحديث رسالته الهامة "شرح حديث أم زرع"٦.
_________
١ انظر: ترجمته ومصادرها في "تعريف ذوي العلا بمن لم يذكره الذهبي من النبلا": ص ٤٧-٥٢ و"الدرر الكامنة" ٣/ ٣٣٦ و"طبقات الحفاظ" ص ٥١٧ و"شذرات الذهب" ٨/ ٢٦٤-٢٦٨.
٢ انظر: تجرمته ومصادرها في "ذيول العبر" ص ٨٨ و"ذيل طبقات الحنابلة" ٢/ ٣٦٦ و"المنهج الأحمد" ٥/ ٥ و"شذرات الذهب" ٨/ ٧١.
٣ انظر: تجمته ومصادرها في "تعريف ذوي العلا" ص ٨٨ و"الذيل التام على دول الإسلام" ١/ ١١٦-١١٧ و"المنهج الأحمد" ٥/ ٩٢ و"شذرات الذهب" ٨/ ٢٨٧-٢٩٢.
٤ وقد اكتفينا بالتعريف بكتاب واحد، يتبع كل فن من الفنون التي صنف بها، زيادة على "المطلع على ألفاظ المقنع"، الذي تحدثنا عنه في مقدمتنا التي سبقت هذه الترجمة، رغبة بالاختصار قدر الإمكان، ومن أراد المزيد من التعريف بمؤلفاته فليرجع إلى مصادر ترجمته التي ذكرناها في أول هذه الترجمة.
٥ انظر: ترجمته ومصادرها في "المنهل الصافي" ١/ ١٨٦ و"المنهج الأحمد" ٤/ ٣٤٥ و"شذرات الذهب" ٧/ ٧٤٨.
٦ وتقع في الصحات ١٠١-١٢٢ من كتاب "البعلي اللغوي وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان ابن ابراهيم العايد، نفع الله تعالى به، وهي على صغرها تعد على جانب كبير من الأهمية، وقد روى حديثها من طريق شيخه الإمام أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي ﵀، وهي محققة تحقيقًا جيدًا.
1 / 15
ومن مصنفاته في اللغة رسالته الهامة "المثلث ذو المعني الواحد"، وقد صنفها للاستدراك على كتاب "الإعلام بتثليث الكلام"، لشيخه ابن مالك الجياني الأندلسي، وهي على جانب كبير من الأهمية في موضوعها١.
ومن مصنفاته في الرجال كتابه "مختصر أسماء المجروحين" لابن حبان البستي، وهو على جانب كبير من الأهمية للمشتغلين بالحديث النبوي٢.
وقد توفي البعلي أثناء زيارة له إلى القاهرة سنة تسع وسبع مئة، ودفن في مقبرة القرافة الشهيرة فيها إلى جوار الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي، ﵀ برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه وجزاه عن المسلمين كل خير.
خادم تراث الأسلاف
محمود الأرناؤوط
_________
١ وتقع في الصفحات ١٢٥-١٦٤ من كتاب "البعلي اللغوي وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد" للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، وهي محققة تحقيقًا رائعًا.
٢ وهو مخطوط لم ينشر بعد فيما نعلم، وله مصورة محفوظة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، عن نسخته الخطية المحفوظة بمكتبة عارف حكمت، والمودعة الأن بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة.
1 / 16
بسم الله الرحمن الرحيم
"مقدمة المؤلف"
رب يسر برحمتك١
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، الصدر الكبير الكامل، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن أبي الفتح، ابن أبي الفضل "البعلي"٢ الحنبلي، تغمده الله برحمته.
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبويء قائلها دار الأمان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة وأظهر برهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان، ما اختلف الملوان٣، وتعاقب الجديدان٤.
أما بعد: فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ في كتاب المقنع٥ في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ﵁، تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن
_________
١- في "ط": "رب يسر واختم بالخير يا كريم"
٢- لفظة "البعلي" لم ترد في "ش" واثبتناها من "ط".
٣- الملوان: الليل والنهار، وقيل: هما طرفا النهار، واحدهما ملا مقصور. انظر "لسان العرب" "ملا".
٤- الجديدان، ويقال: الأجدان: الليل والنهار، وذلك لأنهما لا يبليان أبدا. انظر "لسان العرب" "جدد".
٥- وقد قمنا بتحقيقه ونشرته الدار الناشرة لهذا الكتاب.
1 / 5
قدامة المقدسي ١ وتقييدها لفظًا.
وقد تُذكر ألفاظ تشكل على بعض المبتدئين دون غيرهم، وربما ذكرت فيه إعراب بعض اللفاظات، التي قد يغلط فيها.
وهو مرتب على أبوابه، ولا تؤخر لفظة من باب إلى آخر غالبًا، إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب٢، كلفظة الغُسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب، وأخرت الكلام على الأسماء الأعلام٣، فبدأت باسم النَّبيِّ، ﷺ، ثم بالأنبياء، ﵈، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف ﵃، وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قوله: "الحمد لله"، الحمد: هو الثناء عليه بجميع٤ صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون٥ لمسدي النعمة
_________
١ هو، شيخ الإسلام الإمام القدوة، العلامة المجتهد، موفق الدين أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقسدي، الجماعيلي الدمشقي الصالحي، عالم الشام في زمانه، وصاحب كتاب: "المغني"، قال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة: ومفتي الأمة، خصه الله تعالى بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وما أظن الزمان يسمح بمثله، مات سنة ٦٢٠هـ، انظر: "سير أعلام النبلاء": ٢٢/ ١٦٥- ١٧٣، و: "المنهج الأحمد": ٤/ ١٤٨-،١٦٥ و: "شذرات الذهب: ٧/ ١٥٥-١٦٣".
٢ كذا في "ش": "إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب"، وفي: "ط": "إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب ثَمَّ"، فاقتضى التنويه.
٣ كذا في: "ش" "الأسماء الأعلام"، وفي: "ط": "أسماء الأعلام".
٤ كذا في: "ش" "بجميع" وفي: "ط": "بجميل".
٥ زيادة من: "ط" "وغيره" في: "ط" "ولغيره" بإعادة الجار.
1 / 6
وغيره، وخصوصه أنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر، أنه يكون بغير اللسان١، وخصوصه أنه لا يكون إلا لمسدي النعمة، قال الشاعر: "من الطويل"
أفادتكم النَّعْمَاء عندي ثلاثةً ... يَدِي ولساني والضمير المُحَجَّبا٢
وقيل: هما سواء.
قوله: "المحمود": يجوز جره ورفعه ونصبه، وجره الوجه، وكذلك ما بعده من الصفات.
قوله: "الموجِدِ خَلْقَهُ"، أي: مخلوقاته أنشأها من العدم، على غير مثال لكمال قدرته.
قوله: "وذرَاتِ الرِّمَالِ": الذرات واحدتها ذرَّةٌ، وهي صغرى النمل، ثم استعمل في الرمل تشبيهًا، "ويجوز أن يكون جمع ذرة وهي المرة من ذر، بمعنى مذرورة"٣.
وله: "لا يَعْزُبُ": بضم الزاي وكسرها، أي: لا يَبْعُدُ ولا يَغيبُ.
_________
١ أي قد يكون عملًا، يقوم به المنعم عليه تجاه المسدي مكافأة له على جميله ونعمته، قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا﴾ سبأ - الآية: "١٣"، ومما يؤكد هذا المعنى، كما في التاج - شكر"، قول أبي نخيلة: "من الطويل"
شكرتك إنَّ الشكر حبلُ من التقي ... وماكُلُّ من أوليته نِعْمَةً يقْضِي
فالشكر يكون عملا ردا على عمل، وانظر البيت أيضًا في: اللسان، و: طبقات الشعراء، لابن المعتز: صفحة "٦٤".
٢ أنشده الزمخشري في: "الكشاف": ١/ ٧، وقبله:
وما كان شكري وافيًا بنوالكم ... ولكنني حاولت في الجهد مذهبا
فقوله: "يدي" أراد عمل يدي، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
٣ ما بين الحاصرتين سقط من: "ط".
1 / 7
قوله: "وصلى الله": الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الآدمي: التضرع والدعاء، وقال أبو العالية١: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء:
قوله: "على سيدنا": السيد: هو الذي يفوق في الخير قومه، قاله الزَّجاج٢، وقيل: التَّقِيُّ، وقيل: الحليم، وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وجميع ذلك فيه ﷺ.
قوله: "مُحَمَّدٍ": سمي محمدًا لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول، من التحميد، مشتق من الحميد اسم الله تعالى.
وقد أشار إليه حسان بن ثابت ﵁ بقوله٣: "من الطويل"
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش مَحْمُودٌ وهذا مُحَمَّدُ
قوله: "المصطفى": هو الخالص من الخلق كافة.
قوله: "وآله": الصواب جواز إضافته إلى المضمر خلافا لمن أنكر ذلك، وآلُهُ أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم، وبنو المطلب،
_________
١ هو، رفيع بن مهران الرياحي، البصري المقرئ المفسر، دخل على أبي بكر ﵁، وقرأ القرآن على أُبَيّ، وكان ابن عباس يرفعه على السرير وقريش أسفل، وفاته ﵁ سنة: ٩٣هـ، بخلف، انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": ٤/ ٢٠٧، "وشذرات الذهب": ١/ ٣٦٧.
٢ هو، أبو إسحاق، إبراهيم بن السري بن سهل، النحوي الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، وله مؤلفات حسان منها كتاب: "الاشتقاق"، وكتاب: "النوادر"، لزم المبرد حتى استقل مات سنة: "٣١١هـ" انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": ١٤/ ٣٦٠، و"شذرات الذهب": ٤/ ٥١.
والزَّجَّاج: نسبة إلى خرط الزُّجاج.
٣ انظر: "ديوانه"، تحقيق: د: وليد عرفات: "١/ ٣٠٦. وفيه: "كيّ يُجِلَّهُ"، بدل "لِيُجِلَّهُ".
1 / 8
وهو اختيار الشافعي، وقيل: آله: أهله، ولو قال في التَّشَهُّدِ: وعلى أهل محمد، أجزأ على الوجهين١.
قوله: "بالغُدوِّ والآصالِ": والغُدُوُّ: نفس الفعل، تقول: غدا غدوًا، عُبِّر بالفعل عن الوقت، والمراد بالغدوات، كما تقول: أتيتك طلوع الشمس، أي وقت طلوعها.
"والآصال" الآصال: جمع أُصُل، والأُصُل: جمع أصيل، وهو ما بين العصر وغروب الشمس٢.
قوله: "وايجازه" أي: تقصيره، يقال: أوجز الكلام: إذا قصره، فهو كلام موجَزٌ، وموجِزٌ، وَوَجِيزٌ، وَوَجْزٌ، كله عن الجوهري٣.
_________
١ ما بين الرقمين، كذا في: "ش"، ومكانه في: "ط": "والآل"، ويطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان:
- أحدهما: الجند والأتباع كقوله تعالى: ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾ - "آل عمران: الآية ١١، وغيرها من المواضع" - أي أجناده وأتباعه.
- والثاني: النفس كقوله تعالى: ﴿آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ "البقرة الآية: ٢٤٨"، بمعنى: أنفسهما.
- والثالث: أهل البيت خاصة، وآله: أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم وبنو المطلب، وهو اختيار الشافعي ﵁، وقيل: آله أهله، ولو قال في التشهد: وعلى أهل محمد أجزأ في أحد الوجهين، وهو أجود وأوضح لذلك أثبتناه بتمامه.
ويفهم من كلام صاحب: "الإفصاح"، الوزير العالم يحيى بن محمد بن هبيرة، الحنبلي، أن بني هاشم خمسة بطون: آل العباس، وآل عليّ، وآل جعفر، وآل عقيل، وولد الحارث بن عبد المطلب.
و"الإفصاح": مجلدة مفردة من كتاب: "الإفصاح في معاني الصحاح"، الذي شرح فيه ابن هبيرة الصحيحين، انظر: "المنهج الأحمد": ٣/ ١٧٧- ٢١٣.
٢ في: "ش": "والغروب الشمس"، والمثبت من:"ط".
٣ هو، إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب الصحاح، أبو نصر الفارابي، قال ياقوت كان من أعاجيب الزمان، إماما في اللغة والأدب، جيد الخط، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": ١/ ٤٤٦، و: "سير أعلام النبلاء": ١٧/ ٨٠.
1 / 9
قوله: "وسَطًا بين القصير والطويل"، أي: متوسطا بينهما، قال الواحدي١: الوسط اسم لما بين طَرَفَي الشيء، فأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه: فقال المُبَرِّدُ بن يزيد٢: ما كان اسمًا، فهو وسط محرك السين، كقولك: وسط رأسه صلب، وما كان ظرفا، فهو مسكن، كقولك: وسط رأسه دهن، أي: في وَسْطِهِ، وقال ثعلب٣: ما اتخدت أجزاؤه فلم يتميز بعضه من بعض، فهو وَسَطَ بتحريك السين، نحو: وَسَطِ الدار، وما التُفَّتْ أجزاؤُهُ مُتَجَاورَةً، فهو وَسْط كالعِقْدِ، وحَلْقَةِ الناس.
وقال الفرَّاء٤: الوسط المثقل، "يعني المحرك السين": اسم،
_________
١ هو، علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي، إمام مصنف، مفسر نحوي لازم، مجالس الثعلبي في: التفسير، له: "البسيط"، و"الوسيط"، و"الوجيز"، في التفسير، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": ١/ ١٤٥، و: "سير أعلام النبلاء": ١٨/ ٣٣٩، و"شذرات الذهب": ٥/ ٢٩١.
٢ هو، محمد بن يزيد، المبرِّد أبو العباس، إمام العربية بغداد في زمانه، وكان فصيحًا بليغًا مفوهًا، وهو ثقة، وينتمي إلى ثمالة قبيلة من الأزد، وفاته سنة: ٢٨٥ هـ، انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": ١٣/ ٥٧٦، و"بغية الوعاة": ٢٦٩.
٣ هو، أحمد بن يحيى بن يسار الشيباني، مولاهم البغدادي أبو العباس، إمام الكوفين في النحو واللغة، وكان يعتمد على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة بن عاصم في النحو، وفاته سنة: ٢٩١هـ، انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": ١٤/ ٥، و"بغية الوعاة": ١/ ٣٩٦.
٤ هو، يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان، الفراء: كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه وعليه اعتمد، ومات سنة: ٢٠٧هـ، له ترجمة في: بغية الوعاة: ٢/ ٣٣٣، و"سير أعلام النبلاء": ١٠/ ١١٨، و"شذرات الذهب": ٣/ ٣٩.
1 / 10