Matlac Budur
مطلع البدور ومجمع البحور
Türler
قال السيد السمهودي الشافعي: وثقه الشافعي، وابن الأصبهاني، وابن عدي، وابن عقدة، وغيرهم. قال الشيخ المحدث أحمد بن سهل في قصصه لأيام فخ: إنه لما خرج يحيى وإدريس ابنا عبد الله بن الحسن من الحبشة كاتب يحيى الناس، فلقيه العلماء من أهل الأمصار، وأجابه خلق كثير، قال: وأظنه حاكيا عن المدايني: وقد أخبرني هارون بن موسى، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الكناني، قال: لما انصرف يحيى وإدريس من أرض الحبشة، كاتب الناس، وواعدهم الموسم بمنى في شعب الحضارمة، قال: فوافاه سبعون رجلا من خيار أهل الأرض في ذلك الزمان، قال: وكان فيهم جماعة من أهل مكة، قال هارون: وكأنه(1) أومأ إلي أن أكون فيهم(2) ولم يصرح بذلك، قال: فشاورهم، فأشاروا عليه، واتفق رأيهم على أن يوجه في أمصار المسلمين، ويستنصرهم على جهادهم، فإنه ما من أعمال البر شيء يعدل جهادهم ولا أفضل من نصرتهم عليهم، قال: فاستخار الله وكاتب أهل الآفاق، ووجه إليهم الرسل، فوجه إلى أهل العراق ثلاثة، وإلى أهل المغرب ثلاثة، ومعهم أخوه إدريس، قال له: يا أخي، إن لنا راية في العرب(3) تقبل في آخر الزمان فيظهر الله الحق على أيدي أهلها، فعسى أن تكون أنت أو رجلا(4) من ولدك فتوجه إدريس إلى المغرب مع أصحابه، فصار إلى القيروان، ثم إلى إلزاب(5)، ثم إلى مليانة(6)، ثم صار إلى طنجة، فأعظمه أهلها، وأكرموه، وقاتل عبد الوهاب بن رستم، فأزالهم(7) عن بعض تلك المخاليف، واتسع سلطانه، وتزايد أمره، وأقام زمانا حتى دس إليه هارون الرشيد من قتله بالسم، وله قصة ولمن وجه إليه سأذكرها - إن شاء الله تعالى - قال: ووجه إلى مصر وما يليها ثلاثة، وكتب معهم الفقيه إبراهيم بن أبي يحيى الذي يقال: إنه أستاذ محمد بن إدريس الشافعي، وكان من دعاة يحيى وجلة(1) أهل زمانه(2) إلى أبي محمد الحضرمي: (سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى المستوجبين الصلاة من أهله. أما بعد فقد بلغني حبك أهل بيت نبيئك عامة، ويحيى بن عبد الله خاصة، لمكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - منهم، ولموضعهم الذي فضلهم الله به من بيننا، فلقد وفقت لرشدك بمودتك لهم؛ لأنهم أحق الناس بذلك منك ومن الأمة، وأقمنهم(3) أن يقربك حبهم إلى ربك؛ لأنهم أهل بيت الرحمة وموضع العصمة وقرار الرسالة، وإليهم كان مختلف الملائكة، وأهل رسول الله وعترته، فهم معدن العلم وغاية الحكم، فتمسك بصاحبك، واستظل بظله، وأعنه على أمره، وارض به محلا، ولا(4) تبغ به بدلا، فإنه من شجرة باسقة الفرع، طيبة النبع، ثابتة الأصل، دائمة الأكل، قد ساخت عروقها فهي طيبة الثرى، واهتزت غصونها فهي تنطف الندى وأورقت مبصرة، ونورت مزهرة، وأثمرت موفرة، لا ينقص ثمارها الجناة، ولا تنزعها(5) السقاة، فمن نزل بها وأوى إليها ورد حياظا(6) تفيض، ورعى رياضا لا تغيض، وشرب شرابا رويا هنيئا مريئا متلألئا غريضا فضيضا، فروى وارتوى من قرار رواء بدلاء ملأى(7)، مبذولة غير ممنوعة، معروضة غير مقطوعة، فاستمسك بالعروة الوثقى من معرفة حق الله عليك في نصرة يحيى وتحريم حرمته، واستغنم الظفر بما يلزمك من حفظه لمكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومكان الوصي بعده الإمام، ومكان أهله منه، واحفظ(1) دين الله فيه خاصة وفي أهل البيت عامة، وأحبهم(2) جميعا حبا نافعا، واجعل حبك إياهم حبا دائما من غير تقصير ولا إفراط ولا احتراق ولا اختلاق، تجمعهم إذا تفرقوا، ولا تفرق بينهم إذا اجتمعوا، ولا تصدق /53/ عليهم أهل الفرية من الرافضة الغلاة، فإنهم أهل العداوة للقائمين بالحق من عترة الرسول، وسوء النية فيهم، والجرأة على الله بالإفك والشنآن، وهم أهل الخلابة(3) وقلة المهابة للعواقب، واعلم أن من اعتقد ترك ما نهي عنه في السر الباطن، وأظهر الحق في المواطن، ولزم التقوى، وحفظ حق ذي القربى، وتجنب في حبهم الجور والحزونة، وسلك الطريقة الوسطى، وسار فيهم بالقسط والسهولة، وأقر بالفضل لأهله، وفضل ذا الفضل منهم بفضله وتبريزه به، ودعا إلى الله وإلى كتابه وسنة نبيئه، ولم ير الإغماض في دينه، ولم ينقض مبرما، ولم يستحل محرما، ومن كانت هذه صفته لحق بالصالحين من سلفه وبخير آبائه الطاهرين، فتدبر ما وصفت لك، وميزه بقلبك، فإن كنت كذلك لحقت بأهل الولاية الباطنة والمودة الواتنة،(4) التي لم تغيرها فتنة، ولم تصبها أبنة(5)، فتسكن خير دار عند أكرم جار، بأهنأ راحة وأفضل قرار، في مقام لا يشوبه المكاره(6) والغل، ولا يعاب أهله بسوء الأخوة والبخل، يتلاقون بأحسن تحية، بصدور برية، وأخلاق سنية، لا تمازجها الريبة، ولا تنساغ فيها الغيبة، قد وصلهم الله بحبله فاتصلوا به، وجمعهم على(7) جواره فاستبشروا به، فعلى ذلك يتآخون، وبه يتواصلون، ويتحابون بالولاية، ويتوادون بحسن الرعاية، فهم كما قال الله:
Sayfa 101