أخبرنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال: قال: كان أعرابي ضرير تقوده ابنته. وهي ترعى غنيماتها، فرأت سحابًا فقالت: يا أبه، جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ قالت: كأنها فرس دهماء تجر جلالها، قال: ارعي غنيماتك، فرعت مليًا، ثم قالت: يا أبه، جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ قالت: كأنها عين جمل طريف، قال: ارعي غنيماتك، فرعت مليًا ثم قالت: يا أبه جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ قالت: سطحت وابيضت، قال: أدخلي غنيماتك؛ قال فجاءت السماء بشيء شطأ له الزرع وأينع، وخضر ونضر.
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال: بعث قوم رائدًا، فقالوا: ما وراءك؟ فقال: عشب وتعاشيب، وكمأة متفرقة شيب، تقلعها بأخفافها النيب.
أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: بعث يزيد بن المهلب سريعًا مولى عمرو بن حريث إلى سلميان بن عبد الملك، قال سريع: فعلمت أنه سيسألني عن المطر، ولم أكن أرتق بين كلمتين، فدعوت أعرابيًا فأعطيته درهمًا، وقلت له: كيف تقول إذا سئلت عن المطر، فكتبت ما قال: ثم جعلته بيني وبين القربوس حتى حفظته.
فلما قدمت قرأ كتابي، ثم قال: كيف كان المطر؟ فقلت: يا أمير المؤمنين: عمد الثرى، واستأصل العرق، ولم أر واديًا دارئًا، فقال سليمان: هذا الكلام لست بأبي عذره، فقلت: بلى! قال: اصدقني، فصدقته، فضحك حتى فحص الأرض برجليه، ثم قال: لقيته والله ابن بجدتها: أي عالمًا بها.
أخبرني أبو حاتم عن الأصمعي قال: سئل أعرابي عن المطر فقال: أخذتنا السماء بدث يؤذي المسافر ولا يرضي الحاضر، ثم ركلت ثم رسغت الزبي، ثم خنقت الربى فأربت أن تملأها، ثم غرقت، ثم أخذنا جار الضبع، فلو قذفت في الأرض بضعةً لم تقض: أي لم يصبها قضض لكثرة الندى. قوله خنقت الربى فأربت أن تملأها أي ملأتها.
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي عن بن عمرو بن العلاء قال ذو الرمة: قاتل الله أمة بني فلان ما أعربها! سألتها عن المطر فقالت: غثنا ما شينا: أي أصابنا الغيث.
1 / 10