Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Türler
لا يقال: إنما ذلك لما علله عليه الصلاة والسلام في قوله: " لا يتحدث أع محمدا يقتل أصحابه "(¬1) لأنا نقول: إنما ذكر صلى الله عليه وسلم هذه العلة فيمن بان نفاقه وظهر عناده وشقاقه فاستأذن في قتله والكلام الآن في العلم الذي لم يزل في حيز الغيب، ولم يخرج بعد إلى الشهادة فلا يصح قتل من علم أنه صائر إلى الكفر إلا بإذن من الله تعالى خاص، كما أذن الخضر عليه السلام، إذ ليس ذلك بمشروع البتة، وإنما هي وقائع خاصة لا يقاس عليها، ولا يستند الأحكام الظاهرة إليها والحكمة أن الله سبحانه لو شرع للأنبياء بناء الأحكام على ما علمه من الغيوب لم يتأتى الاتساء بهم والإقتداء في ذلك، ولم تورت عنه تلك الشرائع، وإنما أراد الله سبحانه نصبهم إعلاما لهداية خلقه والقيام بحقه، فأمرهم بإجراء الأحكام على الظواهر، وتولى هو سبحانه أمر السرائر.
وأما قوله: والفياس على أفعال الله تعالى، فتركيب كلامه يقتضي أن الأصل رعاية الأصلح، والقياس على أفعال الله دليل على رعاية الأصلح، كما أن قصة موسى عليه السلام دليل على رعاية الأصلح لعطفه عليه، فتكون رعاية الأصلح في الأحكام حكم ثبت بالقياس على أفعال الله تعالى، وحينئد لركب عليه فنقول: أخذ المال من المذنبين أصلح فيجب اعتباره في حكم الله قياسا على مراعاة الأصلح في أفعاله. فأما رعاية الأصلح ثبت بالقياس فلا يصح، لأن رعاية الاصلح في أحكام الله تعالى، أي هل تتعين رعاية الأصلح، أو لا؟ فمسألة اعتقاده، والمسائل الاعتقادية لا تثبت بالقياس التمثيلي. وأيضا فمذهب أهل السنة أنه لا يجب على الله تعالى رعاية الأصلح في حق العباد، لأن له أن يفعل ما يشاء، وإن كانت أفعاله وأحكامه منوطة بالحكم، إلا أن الحكمة في الفعل والحكم عبارة عن كونه موصلا إلى المراد على الوجه الأتم. وأما أن أخذ المال من المذنبين أصلح، فقد تقدم رده غيرما مرة، وبيان ما في ضمنه من عظيم المفسدة، فصلا عن كونه أصلح، وتقدم من منع استنتاجه بالاجتهاد ما فيه كفاية.
Sayfa 297