جدي كان هادئا، يفترش المكان باتزان، ويمارس قلقه كما ينبغي له أن يكون من رجل كبير في نظرنا، كأنه يستطيع أن يحمل الأرض بكفه، جلس هادئا يراقب عن كثب تفتح تباشير اللقاء.
جاء رجل يسعى، يحمل بشارة، ويحمل شتلات الكرنب، فضحكنا، وحين تقدم بحماره على أطراف المزرعة، نادى جدي.
تقدم جدي بلطف وبطء، وقدماه تطرقان الأرض، هز رأسه مرحبا بالرجل، ولم يسأله أي سؤال عن عمي وأبي.
اكتفى بأن ينظر، ويفتش في زهرات الكرنب. أنزل الحمل عن الحمار بمساعدة الرجل الذي حاول أن يتكلم، فأشار إليه جدي بالسكوت، خاف الرجل وسكت، ولم ينطق بحرف واحد، سوى أن صرخ على حماره: «هيا، هيا، هيا.»
يا الله كم كان هذا الموقف مرعبا لنا! جلس جدي دون كلام، بعد أن غادر الرجل، وحاولنا أن نلومه على عدم سؤاله عن أبي وعمي، فأجابنا: «الغائب يعود، وإن لم يعد، كفانا أن نستأنس بذكراه.»
وبحركة غير مقصودة، تحلقنا حول شتلات الكرنب التي تضحك، ولكنا بدأنا بالبكاء من المجهول عن عمي وأبي.
القصة المزعجة تحتل تفكيرك، فقد يكونان معتقلين الآن من قبل جنود الحاجز، وربما فرا من جنود الحاجز إلى مكان آمن، والقصص المزعجة احتمالات نهاياتها قليلة حين تربطها بأمرين؛ أولهما: الهروب، وأكبرهما: الموت.
لكننا جميعا متفائلون حتى في الموت، ويكفي أن روحهما سوف تساعدنا في زراعة شتلات الكرنب، وتزيل الحصى والأوساخ من الأرض.
كنا ننتظر قرار جدي بالتعامل مع الشتلات لبدء الزراعة.
مسيل للدموع
Bilinmeyen sayfa