وكان من واجب كل فرد أن يضحي في سبيل الدولة؛ ومن ثم نرى أفجنيا تقبل على التضحية بنفسها وهي راضية مطمئنة. وكان الرجل في ذلك العهد أكثر أهمية من المرأة، ومن الطفل؛ لأنه أنفع للدولة والمجتمع.
المسرحيات المترجمة
اشتغل العرب بترجمة كثير من الكتب اليونانية، ولكنهم أهملوا ترجمة الأدب والمسرحيات، ولعل السبب يرجع إلى انبثاث الأساطير الدينية والعقائد الفاسدة في أكثر الآداب اليونانية، وهي أساطير وعقائد تنافي العقيدة الإسلامية ويخشى أن تتسرب إلى الدين فيعلق به شيء من خرافتها. ولكن هذه الأساطير مع الزمن ثبت بطلانها، ولم يعد يخشى تعلق النفوس بها، فترجم لنا الدكتور طه حسين بك زعيم الأدب العربي في العصر الحديث بعض روايات سوفوكليز، وشق بذلك طريقا للعاملين يسلكونه إن أرادوا ويخدمون بذلك الأدب العربي. فرأيت أن أترجم ليوربديز أربعا من أهم مسرحياته، وأملي أن أسد بذلك نقصا يشعر به كل مشتغل بالأدب. ومهدت لكل مسرحية بتمهيد قصير يعين القارئ على فهم حوادث الرواية. وبالمسرحيات التي نقلتها بعض الإشارات إلى الأساطير اليونانية القديمة، وبخاصة في حديث الجوقة، وأنا أقر أن كثيرا من هذه الإشارات مملول غير مستساغ، ولكنه لا يؤثر في تتبع حوادث المسرحية وفهمها فهما جيدا.
وأولى الروايات التي ترجمتها «أفجنيا في أولس»، ثم أعقبتها «بأفجنيا في تورس»، وقد اعتمدت في نقلهما إلى العربية على ترجمة
C. B. Bonner
الإنجليزية. والمسرحية الأولى موضوعها التضحية؛ فقد ضحى الملك أجاممنن بأفجنيا كي تقلع السفن إلى طروادة لاسترداد هلن زوجة أخيه التي اختطفها بارس. وليس عجيبا في العصر القديم أن يضحي الأب بابنته. بل لقد روت لنا الأديان السماوية أن إبراهيم عليه السلام قد هم بذبح ولده إسحق ، لولا أن أرسل الله كبشا يضحي به إبراهيم لإنقاذ ولده. وكما أرسل الله كبشا لإبراهيم، أرسلت الآلهة ظبيا لأجاممنن قتله بدلا من أفجنيا، وأنقذت الآلهة الفتاة وحملتها إلى جزيرة نائية. والتضحية موضوع يستحق البسط والتحليل، وهي ما تزال تسيطر على كثير من أعمالنا، وما زلنا نتساءل هل من الخير أن يضحي الفرد لمصلحة الجماعة أو لا يضحي؟
وفي المسرحية الثانية (أفجنيا في تورس) يلتقي أرستيز بأخته أفجنيا في تلك الجزيرة النائية، وينقذها من منفاها ويعود بها إلى الوطن. وكما أن في هذا العمل إنقاذا لحياة أفجنيا، ففيه كذلك راحة لنفس أرستيز ولضميره المعذب؛ لأنه كان قد قتل أمه انتقاما لأبيه؛ لأنها خانته في غيبته في حرب طروادة وتزوجت من غيره وقتلته بعد عودته. وفي هذه الرواية عرض رائع جميل للصداقة بين أرستيز ويلديز، وهي الصداقة التي يضرب بها المثل في الآداب الأوروبية جميعا.
وفي هاتين الروايتين حلل المترجم الإنجليزي نشيد الجوقة المتصل إلى حوار على ألسنة أفراد الجوقة، وقد برر عمله هذا بأن ذلك أيسر لنا عند الإخراج والتمثيل، وقد تبعته في الترجمة العربية، ولعل في هذا منفعة للمسرح.
ثم ترجمت كذلك روايتي «ميديا» و«هبوليتس»، وقد نقلتهما إلى العربية عن ترجمة
R. Potter
Bilinmeyen sayfa