Şevki'nin Tiyatro Oyunları Üzerine Dersler: Hayatı ve Şiiri
محاضرات عن مسرحيات شوقي: حياته وشعره
Türler
وبالرجوع إلى المسرحية القديمة نجد أنها، وإن كانت قد كتبت شعرا إلا أن شوقي كان لا يزال في أول الشوط فملكته الشعرية لم تكن قد استحصدت بعد، وقدرته الغنائية والموسيقية لم تكن قد استبدت بموهبته الشعرية وطغت عليها؛ ولذلك جاءت صياغتها مغايرة لصياغة مسرحياته الأخيرة، بما فيها «علي بك الكبير» نفسها بعد أن أعاد كتابتها، ولعله في هذا الزمن السحيق كان متأثرا بالفكرة العامة، التي كانت سائدة عن المسرح عندما كان يسمى «بالتشخيص»، وينظر إليه كفن شعبي يقصد إلى التسلية والترفيه، ويصاغ بلغة أقرب ما تكون إلى لغة العوام أو الزجل الشعبي؛ ولذلك حاول أن يجمع بين خصائص هذا الفن الغربي، وحقائق الشعب المصري الذي يكتب له، فاختار موضوعا تاريخيا قريب العهد بتاريخ مصر المعاصرة، ثم كتبه بلغة قريبة من لغة الحديث في مصر، وركز اهتمامه على الحركة والحوار لا على الشعر وروعة القصائد، على نحو ما نلاحظ في مسرحه الجديد، وإن يكن من الواضح أنه لم يحسن اختيار الفترة التاريخية التي يتحدث عنها، فحكم المماليك قد كان أظلم حكم في مصر، وكانت آثامه لا تزال عالقة بذاكرة المصريين، يتوارثونها ابنا عن أب، ولقد كنا نستطيع أن نغفل سوء الاختيار، لو أن شوقي قصد من مسرحيته إلى معالجة النفس الإنسانية في ذاتها، ومن المعلوم أن مآسي تلك النفس تستفحل وتتضح في عصور الانحلال والقسوة، أكثر مما تتضح في عصور النهوض والبطولة، وذلك على نحو ما فعل شكسبير في اختيار موضوعات مآسيه من أحلك عصور إنجلترا مثلا، ولكن شوقي كما بدل عنوان مسرحيته نفسه، لم يرد أن يعرض مأساة بشرية في ذاتها، بل أن يصور «دولة المماليك»؛ أي أن يصور حالة سياسية واجتماعية تفشت في ذلك العصر أكثر من تصويره لمأساة فردية.
ومع ذلك، فإن الإنصاف يقتضينا أن نقر، بأن شوقي قد أحسن استخدام خياله ليوفر لمسرحيته عناصر الصراع الداخلي، التي تبعث الحركة في اللوحة التاريخية التي أراد تصويرها.
لقد اختار شوقي علي بك الكبير بطلا لمسرحيته؛ لأنه علم من التاريخ أن هذا المملوك كان رجلا طموحا، استقل بمصر عن الأتراك، واتخذ لنفسه لقب السلطان سنة 1769، ووسع من رقعة ملكه بالاستيلاء على اليمن وجدة ومكة وشبه جزيرة العرب، ثم غزة ونابلس والقدس ويافا وصيدا ودمشق، وعندئذ احتال الأتراك للأمر بالمكر والدهاء، فاصطنعوا محمد بك أبو الذهب، الذي كان مملوكا تبناه علي بك الكبير، فغدر أبو الذهب بسيده، وما زال به حتى قتله، وخلفه في الولاية على مصر، ورأى شوقي أن هذا الموضوع لا يكفي لتأليف دراما، فتخيل قصة أخرى هي قصة غرام مراد بك بآمال الجارية التي اشتراها علي بك الكبير، واتخذ منها زوجة له، ونجح شوقي في الربط بين الموضوعين، بأن جعل مراد بك يتآمر مع محمد أبو الذهب؛ لكي يفوز بمحبوبته آمال بعد قتل زوجها، وتخيل شوقي انقلابا مسرحيا بأن جعل آمال أختا مجهولة لمراد بك، الذي لا يكتشف هذه الحقيقة إلا في نهاية المسرحية، عندما يكشف له عنها والده ووالدها النخاس مصطفي الياسرجي.
وبالمقارنة بين المسرحية القديمة والمسرحية الجديدة، يتضح أن شوقي لم يغير الهيكل العام للقصة، كما لم يغير من هدفه النهائي، وهو تصوير دولة المماليك، وإنما غير تغييرا كاملا في صياغته الشعرية، التي ارتفعت في المسرحية الجديدة إلى مستواه الشعري المألوف، وإن تكن الروح الغنائية تطغ عليها كما طغت على مسرحياته الأولى، بعد أن نبهه النقاد إلى ذلك الطغيان، وأجمعوا على أن مسرحه غنائي أكثر منه دراماتيكي، فظل قوام المسرحية الحوار، لا جمع قصائد طويلة بعضها إلى بعض بخيط واه من الحوار.
والظاهر أن الحملة التي شنها النقاد على شوقي، بمناسبة مسرحيته الأولى، وهي «مصرع كليوباترة» قد لفتت نظره إلى بعض المآخذ التي نفر منها الجمهور المصري.
ونخص منها بالذكر نظرته إلى الشعب المصري، فقد لاحظ النقاد أنه بينما يدافع عن كليوباترة، ويحاول أن يرد إليها اعتبارها التاريخي والأخلاقي، نراه لا ينصف الشعب المصري، فيصفه في تلك المسرحية بأنه «ببغاء عقله في أذنيه»، وأنه يصفق «لمن شرب الطلا في تاجه، وأحال عرشه فراش غرام»، وليس من شك في أن هذا النقد قد حمله على أن يسقط من مسرحيته القديمة ذلك المشهد أو «المجلس» كما كان يسميه، الذي يصف فيه الشعب المصري بأنه شعب ذليل لا يصعب ابتزاز المال منه بالسوط والعصا، وهو المشهد الثاني من الفصل الثاني، حيث يجري الحوار بين حنا وكيل علي بك الكبير، وإقبال التي أصبحت آمال في الرواية الجديدة على النحو الآتي:
حنا (وهو يقدم الحساب لإقبال التي أصبحت زوجة لسيده ومديرة لثروته) :
هذا الخلاصة يا أميرة فاسمعي
لي بالقراريط وبالحبات (تبتسم إقبال.)
قد كان عند البيك من عام مضى
Bilinmeyen sayfa