وينطلق الإفراني في شرحه لهذا الموشح من الإعجاب به، فيهتم بإظهار جماله، وتعليل ذلك الجمال. غير أن هذا لم يدفعه إلى التنويه بما لا يستحق التنويه من كلام ابن سهل، ولا إلى غض الطرف عما بدا له من مآخذ. فأخذ عن ابن سهل بعض تعابيره، فرد عليه استعمال الواو في قوله: "وفؤادي" مرجحا عليها الفاء لإيذانها بالسببية، كما رجحها بعض أصحابه، فقال الإفراني: "المعاني: عبر بالواو في قوله: "وفؤادي". وقال بعض أصحابنا: إن التعبير بالفاء أحسن. وهو ظاهر لما فيها من الترتب على ما قبلها، أي فبسبب سكر جفونه وعربدته لا ينتبه فؤادي من رقدة سكره، وأما الواو فلا تخلص في هذا المحل من قلق"(¬1)[86].
وقدم الإفراني عبارة ابن الخطيب: "جال في النفس" على عبارة ابن سهل: "حل من نفسي"، فقال: "وعندي أن تعبير لسان الدين بن الخطيب في معارضته السالفة بالمجال ألطف من تعبير ابن سهل بالمحل، وإن كان لسان الدين أخذ منه"(¬2)[87].
على أن عدم احتفال الإفراني ببعض أبيات الموشح والاقتصار في شرحها على ما سبق، أو اعتبارها "أساميا لم تزده معرفة" على نحو ما سبق، يعتبر، في حد ذاته، مأخذا عاما مهذبا.
[ص40]
ونرى، في الختام، أن موازنة الإفراني بين المعاني والبيان، من جهة، والبديع، من جهة أخرى، جدير بأن يثير الشك حول نظرية ابن خلدون في أن المغاربة أميل إلى البديع لسهولته على حساب البيان والمعاني الدقيقي المطلب والصعبي المأخذ(¬3)[88]، كما يقلل من أهميته استثمار الدكتور بدوي طبانة لهذه النظرية لتجريد المغاربة من القدرة على الابتكار، والاكتفاء بالنقل عن المشارقة(¬4)[89].
[ص41]
ج تحقيق الكتاب
Sayfa 44