هذه بعض حلقات سلسلة الشروح الأدبية التي تتبع خطة محكمة، وتحاول أن تحيط بالجوانب اللغوية (المعجمية والصرفية)، والتركيبية (النحو)، والبلاغية (المعاني والبيان والبديع)، مع إثارة مختلف المسائل المتعلقة بمعاني النص وظروفه، على اختلاف في الأهمية التي يوليها هؤلاء الشراح كل مطلب من هذه المطالب تبعا لثقافة كل واحد منهم، والغرض الذي رصد له شرحه، فالإفراني [ص25] المؤرخ خصص أكثر من ربع الكتاب للظروف التاريخية والفنية للموشح المشروح. والمغوسي، الشيخ اللغوي، اهتم أكثر من غيره باللغة والنحو والصرف. بينما اقتضى الموضوع ابن مرزوق أن يخصص (ترجمة) للإشارات التصوفية. والتقى الإفراني بالصفدي في مفهوم الأدب ووظيفته: "الأدب كله فكاهة، وأحسنه الغريب الحلو المساق"(¬1)[52]، فاشتركا في كمية وافرة من مادتي كتابيهما، وفي جو الطرافة والغرابة السائد فيهما. أما الأليوري فإن التقاء الإفراني به أعمق وأجدى، وذلك في ميل كل منهما نحو تذوق جمال النص والاهتمام ب "المعاني" والعزوف عن التقسيمات والتعليلات النحوية.
الإطار العام للشرح: التاريخ، الفن، الدين
قبل أن يتناول الإفراني أبيات الموشح بيتا بيتا عقد مقدمة طويلة للتعريف بابن سهل صاحب الموشح، والتعريف بفن التوشيح وبيان نشأته وتطوره. وتحدث عن الموسيقى والعروض والقافية، كما تناول موقف الدين من الأدب والغزل خاصة.
وكما اهتم بالإطار العام للموشح اهتم كذلك بالمجال الخاص بالمعاني والصور الشعرية، فأورد الشواهد والأخبار والمعارف المختلفة التي تساعد على وضع المعاني والصور في إطارها العام ضمن الأدب العربي عامة، وأدب العصور المتأخرة خاصة.
Sayfa 27