ومن هنا قال أهل الحقيقة الصبر من أصعب المنازل على العامة وأوحشها في طريق المحبة وأنكرها في طريق التوحيد وإنما كان أصعب عند العامة لأن العامي لم يتدرب بالرياضة ولم يتحنك بالصبر على البلاء ولم يتعود بقمع النفس فلم يحتمل البلاء فلم يكن من أهل المحبة حتى يتلذذ بالبلاء فإذا امتحنه الحق سبحانه بالبلاء وهو في مقام النفس لم يحتمل البلاء وغلبه الجزع وصعب عليه حبس النفس عن إظهاره لعدم طمأنينتها وإنما كان أوحش المنازل في طريق المحبة لأن المحبة تقتضي الأنس بالمحبوب والالتذاذ بالبلاء لشهود المبتلى فيه وإيثار مراد المحبوب والصبر يقتضي كراهة البلاء كما مر فيتنافيان وإنما كان أنكر في مقام التوحيد لأن الصابر يدعي قوة الثبات ودعوى الثبات والتجلد من مرغوبات النفس والتوحيد يقتضي فناء النفس فيكون أنكر لأن إثبات النفس في طريق التوحيد من أقبح المنكرات بل الرضا مع عظم قدره وعلو أمره عند أهل التحقيق في التوحيد من أوائل
Sayfa 90