وقد توقف الإمام أبو حنيفة في هذه المسألة، ولذا، فلم يوردها الطحاوي في نصه، وذهب شارح الطحاوية إلى أن الأدلة في هذه المسالة متكافئة(¬1). وقال الامدي بعد أن أورد الخلاف في هذه المسالة قال: ( فهذه المسالة ظنية سمعية والترجيح فيها لكل أحد على حسب ما يتفضل الله تعالى عليه من المنة وجودة القريحة كما في غيرها من المسائل الاجتهادية )(¬2).
ثالثا: السمعيات:
ومن الأدلة على وقوع الاختلاف والاجتهاد في مسائل السمعيات، ما يأتي:
1- الاجتهاد في الدخان والوارد في قوله تعالى: " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم "( 10-11 الدخان ) وفي المراد بهذا الدخان، وهل وقع، أو من الآيات المرتقبة قولان:
القول الأول: أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشا من الشدة والجوع، عندما دعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين لم يستجيبوا له، فأصبحوا يرون في السماء كهيئة الدخان، وإلى هذا القول ذهب عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - وغيره من التابعين (¬3) وهذا اجتهاد منه - رضي الله عنه - على واقعة بعينها.
القول الثاني: أن الدخان آية من آيات الله مرسلة على عباده قبل مجيء الساعة، فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس رضي الله عنهما وبعض الصحابة والتابعين(¬4).
Sayfa 28