Mashariq al-Shumus fi Sharh al-Durus
مشارق الشموس في شرح الدروس
Türler
أتى المكلف بالصلاة بدون الوضوء فقد خرج عن عهدة الامر بالصلاة المطلقة لكن يبقى في عهدة التكليف بالوضوء وتحصيل كمال الصلاة فتدبر وقس عليه الكلام في الأخبار المتقدمة سؤالا وجوابا وقد يستدل بالآية على هذا المطلب بوجه آخر وهو أن يقال إنه قد استفيد منها وجوب الوضوء قبل الصلاة والامر بالشئ مستلزم للنهي عن ضده فتكون الصلاة التي هي ضد الوضوء منهيا عنها فتكون فاسدة فثبت الاشتراط وفيه إنه موقوف على ثبوت إن الامر بالشئ مستلزم للنهي عن ضده والنهي مستلزم للفساد وكلاهما ممنوعان وهاهنا شك آخر وهو إن معنى كون الامر بالشئ مستلزما للنهي عن ضده إنه إذا كان شئ مأمور به في وقت ولم يأت المكلف في ذلك الوقت بذلك الشئ بل أتى بضده يكون ذلك الضد حراما منهيا عنه وحينئذ نقول تحقق هذا المعنى مما لا يمكن فيما نحن فيه لأنه إذا كان الوضوء واجبا قبل الصلاة فالاتيان بالصلاة في وقته إنما يتحقق بإتيان الصلاة قبل الصلاة هف والجواب أن المراد أن وقت الوضوء إنما هو بعد إرادة الصلاة كما هو مدلول الآية الكريمة ولا شك في إمكان الاتيان بالصلاة في ذلك الوقت فارتفع الخلف فإن قلت المأمور به في الآية أما الوضوء بعد الإرادة المتصلة بالصلاة وبعد الإرادة المنفصلة عنها بقدر الوضوء والأول باطل لأنه تكليف بما لا يطاق وعلى الثاني يلزم ما ذكرنا أولا من عدم إمكان الاتيان بالصلاة في وقت الوضوء لأن المفروض وقته وقت انفصال الصلاة عن الإرادة فكيف يمكن أن يصير وقتا للصلاة إذ يلزم حينئذ أن يكون الصلاة متصلة بالإرادة منفصلة عنها هف قلت وقت الوضوء بعد الإرادة التي يمكن انفصالها عن الصلاة واتصالها بها باختيار المكلف وحينئذ نقول إن كل جزء من أجزاء أوقات ما بعد تحقق الإرادة وقت الوضوء ويمكن الاتيان بالصلاة فيه أيضا لما ذكرنا من أن الاتصال والانفصال باختيار المكلف فلو لم يأت المكلف بالوضوء وأتى بالصلاة فقد أتى بضد المأمور به فيكون منهيا عنه فاندفع المحذوران فإن قلت إن تلك الإرادة إن كانت تامة يجب الاتصال وإن كانت ناقصة يجب الانفصال قلت إنها ناقصة وإنما يجب الانفصال لو لم تصر تامة هذا ثم إن في المقام كلاما آخر وهو إنه قد ثبت بما ذكر إمكان الاتيان بالصلاة في وقت الوضوء لكن هذا مما لا يكفي في إثبات المرام لان الاتيان بضد المأمور به في وقته إنما يكون منهيا عنه إذا كان وجوب المأمور به مضيقا وأما إذا كان موسعا فلا كما تقرر في الأصول وعلى هذا نقول لا شك إن وقت الوضوء الذي هو أوقات حصول الإرادة متسع فلو أتى المكلف بالصلاة في جزء منها لم يأت بضد المأمور به في وقته المضيق نعم إذا بقي من الوقت مقدار الوضوء والصلاة فعسى أن يكون جريان الدليل فيه ممكنا أما قبله فلا فتأمل فالأولى أن يستدل بالآية على المرام بطريق آخر بأن يقال يستفاد من الآية عرفا إن الوضوء قبل الصلاة واجب وإذا أتى المكلف بالصلاة بدون الوضوء فيلزم حينئذ أن لا يمكن الاتيان بالوضوء المأمور به إذ لا شك إن بعد الاتيان بالصلاة لا يمكن الوضوء الكائن قبل الصلاة فيلزم ترك الواجب وترك الواجب حرام وملزوم الحرام حرام فيكون الاتيان بالصلاة الملزوم لترك الوضوء حراما وهذا مثل ما إذا كان أحد مأمورا بالصعود على السطح المتوقف على السلم فكسره باختياره أو كان مكلفا بالوضوء فأراق الماء ونحو ذلك لا يقال إنا لا نسلم عدم الامكان الاتيان بالوضوء المتقدم على الصلاة بعد الصلاة إذ يمكن أن يتوضأ ويصلي صلاة أخرى لان المأمور به الوضوء المتقدم على الصلاة التي يتحقق بها امتثال الامر ولا شك أن بالصلاة السابقة على تقدير صحتها يتحقق الامتثال والخروج عن العهدة ولا يمكن تحقق هذا الوصف في الصلاة اللاحقة فلا يكون الاتيان بالوضوء المذكور إتيانا بالمأمور به كما لا يخفى واعلم إن إتمام هذا الوجه أيضا موقوف على ثبوت أن ملزوم الحرام حرام وهو أيضا مما يقبل المنع كالمقدمتين السابقتين فتدبر بقي في المقام شئ وهو أنه قد ظهر بما ذكرنا وتلونا عليك وجوب الوضوء بالمعنيين للصلاة في الجملة كما ذكرنا في صدر المقامين وأما وجوبه لجميع الصلاة الواجبة سوى صلاة الجنازة بكل من المعنيين كما هو مدعى القوم ففيه خفاء وتفصيل المقام إن وجوب الوضوء بمعنى الشرطية وتوقف الصحة عليه لجميع الصلاة الواجبة بل المندوبة أيضا سوى صلاة الجنازة مما لا ينبغي أن يشك فيه للاجماع الصريح ودلالة بعض الأخبار المتقدمة عليه أيضا مثل لا صلاة إلا بطهور إذ نفى الصحة أقرب المجازات إلى الحقيقة التي هي نفي الوجود كما لا يخفى والصلاة ثلاثة أثلاث ونحو ذلك وأما وجوبه بالمعنى الأول لجميع الصلوات الواجبة ففيه نوع خفاء إذ لا يمكن أن يستدل عليه بالآية لأنه لو حمل الآية على العموم بالنسبة إلى الواجب والمندوب فيلزم أن لا يمكن حمل الامر في فاغسلوا على الوجوب بل الرجحان المطلق وحينئذ لا يثبت المدعى مع أنه لو حمل على العموم لكان قابلا للمنع إذ احتمال العهدية وكون المراد الفرد المتعارف أعني الصلاة اليومية احتمال ظاهر بل هو أولى من العموم على ما قيل أن اللام حقيقية في العهد ولو خصص بالصلاة الواجبة وعمم بالنسبة إلى أفرادها ففيه أنه لا دليل على التخصص ولو جعل دليل التخصيص إبقاء الامر على ظاهره من الوجوب فيرد عليه أن إبقاء الامر على ظاهره ليس أولى من إبقاء العام على ظاهره فهلا أبقيته على العموم وأخرجت الامر عن ظاهره مع ما فيه من ظهور احتمال العهدية كما عرفت وكذا لا يتم الاستدلال بالاخبار المتقدمة إذ ليس فيها ما يدل على عموم الوجوب كما لا يخفى وكذا الاستدلال عليه بشرطيته للصلاة بأن يقال قد ثبت بالاجماع والاخبار شرطية لجميع الصلاة الواجبة وشرط الواجب واجب فيكون واجبا لجميع الصلاة لان الكبرى ممنوعة وموضعه في الأصول
Sayfa 9