ولولا أن تداركهم علي بن أبي طالب ونهى الناس عن التمثيل به لما علم إلا الله إلى أي حد كانوا يتمادون في التمثيل به، وقد انطلق به حتى دفن في «حش كوكب».
3 (4) الأسباب التي أدت إلى مصرعه (4-1) ضعفه
ألا فقد والله عبتم علي بما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له - على ما أحببتم أو كرهتم - ولنت لكم وأوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم علي.
عثمان
أجملنا في الفصل السابق الأسباب التي أدت إلى مصرعه ووعدنا بتفصيل أهمها في هذا الفصل، ونحن ننجز وعدنا الآن:
أول الأسباب التي انتهت بعثمان - رضي الله عنه - إلى هذه الخاتمة المفجعة ضعفه الشديد ولين جانبه وفرط حيائه.
لقد كان - رضي الله عنه - ذكيا فطنا عارفا بأخلاق الناس، ولكن الإرادة القوية والعزيمة الجريئة والبطش بالمذنبين، وإغفال الرحمة، ونسيان كل اعتبار في سبيل تثبيت الأمن وتوطيد دعائم الملك، والمضي في إنفاذ خطة جلية حازمة وتطبيق سياسة بعينها، هذه هي الخلال التي كانت تنقصه، وهي وحدها الخلال الجديرة بكل حاكم يريد توطيد ملكه وتثبيت دعائمه.
لم تغب عنه صفات عمر ومزاياه الباهرة، ولا غفل عن تقليده في كثير من أموره، ولكن نقصته شخصية عمر القاهرة الجبارة التي تهابها الناس وتلبي رغباتها وتنحني أمامها خاضعة. وتنفذ إشارتها راضخة. وتخشى أن تحيد عنها قيد أنملة حتى لا تقع تحت طائلة عقابه، أو يصيبها قصاصه الذي لا ينجو منه مخطئ ولا يفلت منه مسيء.
وما لنا نحاول وصف عثمان وقد رسم لنا علي - رضي الله عنه - صورة ناطقة لم تدع بعدها غاية لواصفيه إذ يقول له: «الناس ورائي وقد كلموني فيك. ووالله ما أدري ما أقول لك وما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه.
إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه. وما خصصنا بأمر دونك، وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول الله
Bilinmeyen sayfa