فعلمت أنه والله لا يريد أن يفر، فغمزت أبي بعيني ليأذن لي فيه فأضربه بسيفي فغمزني غمزة شديدة فسكنت. (3-5) انتصار الحجاج
قال: وحانت مني التفاتة فإذا سفيان بن الأبرد قد حمل عليهم فهزمهم من قبل الميمنة فقلت: «أبشر أيها الأمير فإن الله قد هزم العدو.»
فقال لي: «قم فانظر». فقمت فنظرت، فقلت: «قد هزمهم الله.»
قال: «قم يا زياد فانظر.» فنظر، فقال: «الحق - أصلحك الله - يقينا قد هزموا.» قال: فخر الحجاج ساجدا.
فلما رجعت شتمني أبي وقال: «أردت أن تهلكني وأهل بيتي؟!»
وهكذا كسب الحجاج المعركة بعد أن تحقق خسرانها، وأدرك الفوز - وهو على حافة الهلاك - وحاطته العناية والتوفيق في ساعة تشيب فيها النواصي وتنخلع القلوب. (3-6) وقعة دير الجماجم
ونزل دير الجماجم، واجتمع أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الثغور وغيرهم بدير الجماجم على حرب الحجاج، وجمعهم عليه بغضهم والكراهية له.
كان موقف الحجاج حرجا جدا في هذه الموقعة، فقد علم أن عبد الملك يهم بخلعه وتولية غيره حتى تستتب الأمور، وقد كاد يتم خلعه، ورأى الحجاج أن خسران هذه الوقعة البوار أهون منه، ففرق الأعطيات واستحث الجند وتخير للموقعة الحاسمة يوم الأربعاء.
قالوا: «وهو يوم يتطير به أهل العراق؛ فلا يتناكحون ولا يسافرون فيه ولا يدخلون من سفر ولا يبايعون فيه بشيء.»
وقد حمي وطيس الحرب واشتد القتال وكسرت ميسرة جيش الحجاج.
Bilinmeyen sayfa