هذا؛ وقد كان ابتداء استعمال الخط الآشوري أو المربع، وهو الخط العبري الحاضر، من عصر «عزرا» الكاتب؛ أي من عهد رجوع سبي بابل. أما الخط العبري القديم فعلى نقيض هذا.
ثم إنه لم يرد في التوراة اسم اللغة العبرية؛ إذ هي بالعبري «لاشون عبريت»؛ أي اللسان العبري، ولكن الأمم المجاورة للعبرانيين كانت تسمي لغتهم بهذا الاسم، وقد ورد هذا الاسم للمرة الأولى في المشنا في يدايم 4:4، وجطيم 9:8. وقد سميت «سفات كناعن»؛ أي شفة، ولغة كنعان «اش 9»، وسميت أيضا «يهوديت»؛ أي اليهودية، كما جاء في سفر الملوك الثاني 18: «كلم عبيدك بالآرامية؛ لأننا نفهمه ولا تكلمنا باليهودية.» (واش 11:36 و13 ونح 24:13)، وكانوا يسمونها «لاشون هقودش»؛ أي اللغة المقدسة؛ تمييزا لها من اللغة العامية (تلمود. سوطه 10:8).
ومن المؤكد أنها كانت اللغة المستعملة عند الكنعانيين الذين كانوا يسكنون فلسطين قبل مهاجرة إبراهيم، بدليل وجود بعض أسماء عبرية عند الكنعانيين، مثل «ملكي صيدق» ملك العدل، و«قريت سيفر» مدينة الكتاب، وأبيمالك وأدوني بازق، وغيرها.
يقسم تاريخ اللغة العبرية مدتين: المدة الأولى وهي نحو ألف سنة مدة استقلال اليهود، وتنتهي بسبيهم إلى بابل نحو سنة 600ق.م. وتعرف بالمدة الذهبية؛ لأنه فيها تقدمت اللغة وانتشرت وكتب فيها القسم الكبير من الكتاب المقدس العبري مع ما فيها من تاريخ ونثر وشعر وقصائد مرتبة على الحروف الأبجدية.
وقد اختلف أسلوب الكتاب في هذه المدة في الإنشاء وآداب اللغة حسب الأوقات والكتب، فإن أسلوب أشعيا مثلا يختلف عن أسلوب أرميا الذي جاء بعده بنحو قرن، وعن أسلوب ميخا الذي كان معاصرا له، وعن أسلوب المؤرخين الذين كتبوا الكتب التاريخية أيضا. غير أن متن اللغة وتراكيبها كانت واحدة تقريبا. وكان الشعر يختلف عن النثر بالإكثار من الاستعارات والكنايات فوق اختلافه عنه بالوزن والقافية واستعمال كلمات خاصة مثل: «أنوش» بدل «آدم»، وبتطويل بعض الحروف والظروف بإضافة بعض حروف إلى آخرها.
ولقد تقدمت اللغة في هذه المدة أيضا بتقدم الصناعة والتجارة والعلوم وإدخال كثير من الكلمات الأجنبية عن طريق التجار الفينيقيين من الآشورية والفارسية واليونانية والمصرية، ولا سيما من الكلدانية.
والمدة الثانية - وتعرف بالفضية - وهي مدة انحطاط اللغة، وتبتدئ منذ انتهاء المدة الأولى إلى زمن المكابيين سنة 160ق.م. في هذه المدة ظهر تأثير اللغة السريانية بكثرة الكلمات السريانية في الشعر والنثر بسبب اختلاط اليهود بالكلدانيين في بابل مدة السبي، حتى إنه بطل استعمال اللغة العبرية في الكلام والحديث، وانحصر استعمالها عند الكهنة والعلماء في كتاباتهم فقط «نحميا 8:8»، وظهر تأثير اللغة الكلدانية كما يرى في الأسفار التي كتبت حينئذ، وهي عزرا ونحميا ودانيال وأخبار الأيام وسفر إستير وأسفار بعض الأنبياء وبعض المزامير الأخيرة. ولا شك أن كتبا كثيرة كتبت بالعبرية في هذه المدة ولكنها فقدت ولم يبق منها إلا هذه الأسفار.
ومما يستحق الذكر أنه كان هناك بعض لهجات خاصة عند بعض الطوائف، وقد ورد أن الأفرانيميين كانوا يلفظون الشين سينا فيلفظون «شبولت» مثلا «سبولت»؛ أي سنبلة (قض 6:12). وجاء أنه كان للأشدوديين لهجة خاصة (نح 24،23:13).
وبعد أن انحطت اللغة وبطل استعمالها تدريجيا في الكلام، جمعت الأسفار في كتاب واحد هو المسمى بالعهد القديم، وأخذ علماء اليهود في شرحه وترجمته، وأول ترجمة كانت إلى اليونانية، ويقال لها: الترجمة السبعينية؛ لأنها تمت على يد سبعين مترجما في أوقات مختلفة، فابتدئ بترجمة الأسفار الخمسة في عهد بطليموس فيلادلفوس في الإسكندرية لفائدة اليهود القاطنين فيها وفي بلاد اليونان نحو سنة 280ق.م. ثم أتت بعدها الترجمة السريانية. وقد قام بترجمة الأسفار الخمسة وبقية أونقلوس والأسفار الأخرى يونانان بن عزئيل في فلسطين وبابل في أواخر القرن الأول. وبعدها كانت الترجمة المصرية «القبطية» بين القرن الثاني والثالث للمسيح.
وأما التفاسير والشروح والأحكام الشرعية والقضائية، فقد كتبت في المشنا في القرن الثالث والجمارا «أي التلمود».
Bilinmeyen sayfa