وتنوي الحكومة أن تعين هنا حاكما جديدا؛ ليقبض على السلطتين المدنية والعسكرية، ويكون خلفا لعبد القادر باشا وسليمان نيازي باشا. وهذه المشروعات فشلت فشلا تاما بسبب سفر عبد القادر باشا. وما زالت مصالح السلطتين المذكورتين تتداولها نفس الأيدي التي كانت قابضة عليها. ووقع الحاكم الجديد في الارتباك بسبب مركزه الشاذ المزعزع. فالسيادة القديمة لا تزال قائمة ولكن لا وجود لسلطتها في الخرطوم. وقد أطلعني علاء الدين باشا أمس فقط على برقية يطلب منا فيها إبداء الرأي في أيهما أفضل: إيقاف سير الحركات الحربية التي قام بها عبد القادر باشا، أم الانتظار حتى تنتهي. وقد فوض علاء الدين باشا لي الأمر، وقال إنه ينفذ ما أرتئيه صوابا، ولكن أرى أني لا أملك الفصل في هذه القضية، وأن للحكومة وحدها حق النظر في الموقف الحالي وإصدار أوامرها.
ولكن الحالة لم تبق معلقة مدة طويلة. فقد تولى هكس باشا - كما سيظهر - حل هذه المشكل بنفسه، ولم يصبر حتى تأتيه الأوامر التي ألح في طلبها فأقام نفسه حاكما بأمره، واحتفظ بهذا المركز طول الوقت الذي قضاه في السودان، فإنه بعدما حل بالخرطوم في 2 مارس وأرسل البرقية السالفة في 13 منه، لم يلبث أكثر من ستة أيام - أي التاسع عشر من هذا الشهر نفسه - حتى أرسل البرقية الآتية إلى إرل دوفرن (الكتاب الأزرق الإنجليزي عن مصر سنة 1883، ج13، قطعة رقم 2، ملحق رقم 33)، وها هي:
الخرطوم في 19 مارس سنة 1883
حملت علاء الدين باشا على أن يعلن نفسه حاكما طبقا للأمر الذي صدر قبل مجيئي إلى هنا، وسأجري الآن الحركة التي تدعو الضرورة إليها من تغيير في الضباط وتبديل بينهم.
ونذكر للقارئ فيما يلي بقية البرقيات الملحقة بالرسالة السالفة رقم 197:
ملحق رقم 197: من سير إ. مالت إلى الجنرال هكس (2)
القاهرة في 23 مايو سنة 1883
تسلمت برقيتكم المؤرخة في 13 من الشهر الجاري، ويقول شريف باشا إنه أصدر الأوامر بألا تجري أية حركة حربية إلا بعد مشورتكم ورضاكم، وأن العمل بهذه الأوامر يحصر القيادة في شخصكم بالفعل. فإذا اتصل به من جنابكم أن أوامره لم تنفذ فهو لا يتأخر عن تكرارها، ولكنه لا يوافق على تعيينكم قائدا عاما؛ لأن الثورة دينية، وينشأ عن تقليد هذا المنصب لمسيحي هياج الخواطر وإثارة روح التعصب.
ملحق رقم 197: من الجنرال هكس إلى سير إ. مالت (4)
الخرطوم في 31 مايو سنة 1883
Bilinmeyen sayfa