الحربية، ومن جهة أخرى كان أمراء الدول والسلاطين يعتمدون على المشايخ والقضاة في شئون الدولة الدينية لما لأهل العلم من تأثير على قلوب جماهير المسلمين وعقولهم. وكان عصره شبيهًا بعصرنا هذا، مليئًا بالاضطرابات الفكرية، والسياسية، والاجتماعية والاقتصادية فتأثر بها، وأثر فيها بمشاركته الفعالة؛ لإصلاح شئون الإسلام والمسلمين.
وقد نفع الله بجهوده المخلصة الأمة الإسلامية من عصره إلى يومنا هذا بما لا ينكره إلا مكابر أو جاهل، ودعوته السلفية في نمو وازدهار ورقي يومًا بعد يوم، على رغم أنوف الحاقدين والحاسدين.
وصدّق الله قول القائل: كل صاحب بدعة، ومن ينتصر له، لو ظهروا لا بد من خمودهم، وتلاشي أمرهم، وهذا الشيخ تقي الدين ابن تيمية، كلما تقدمت أيامه تظهر كرامته، ويكثر محبوه وأصحابه.
وقال الحافظ ابن حجر: شهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس، وتلقيبه بشيخ الإسلام في عصره باقٍ إلى الآن على الألسنة الزكية، ويستمر غدًا كما كان بالأمس، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره، أو تجنب الإنصاف.
ركز شيخ الإسلام جهوده من عنفوان شبابه على شرح العقيدة السلفية، وإبراز منهج المحدثين في الأصول والفروع، ودارت؛ لأجله مناظرات عظيمة، ومعارك شديدة بينه وبين معاصريه من علماء الكلام، والفلسفة، والفقه، والتصوف، وفي سبيله سجن واعتقل، وأوذي مرات عديدة، كما توجه شيخ الإسلام إلى إصلاح أحوال
1 / 16