Büyük Trajedi: Güncel Savaşta Bir Tanı Romanı

Şibli Şümayil d. 1335 AH
51

Büyük Trajedi: Güncel Savaşta Bir Tanı Romanı

المأساة الكبرى: رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة

Türler

ولكن المجرم الأكبر الذي هو سبب كل هذه المصائب ماذا يؤثر فيه كل ذلك؟ فإنه لا يؤثر فيه شيئا، ولا سيما إذا عرفنا أطواره وأمياله وهيامه، فهو مفتون بحب الشهرة أكثر من تمسكه بالسلطة، وإن كان في هذه يفوق كل نظير، فهو لو وضع على خازوق؛ لما شكا بقدر ما يسر من أن ذلك يلفت النظر إليه، وهو بهذا المركز الذي هو فيه أمامكم اليوم مفعم قلبه حبورا بأنه شغل العالم به، وبأن التاريخ سيتكلم عنه طويلا، حتى لا يدع لأحد من كبار السفاحين ذكرا بجنب ذكره، وقد فاته أن يكون واحدا من عظام الرجال المصلحين، فالشهرة هي غايته الوحيدة مهما يكن السبيل إليها، والشهرة الفائقة في الشر أسهل جدا منها في الخير، والأنكى أنها تستهوي «بقر» الاجتماع كثيرا؛ فيعظمون صاحبها، ويحترمون فاعل الخير أقل جدا مما يعجبون ببأس الشرير؛ لأن أكثر الناس حتى اليوم عبيد يدينون للخوف أكثر مما ينقادون للمعروف، ولم يخف ذلك على مجرمنا، ولأجله أمعن في التفظيع، والتدمير للإرهاب.

ولكن فاته أن جانبا عظيما من البشر مع ذلك مفتونون بالحرية، ولا سيما الذين قصد إذلالهم، وهم أرقى منه جدا في جوهرهم، فوقفوا في وجهه سدا لا يقطع، وأفسدوا عليه كل حسابه، وأوصلوه إلى الحالة التي هو فيها اليوم؛ مقهورا في مطامعه، مرذولا من المجتمعات الراقية، محكوما عليه بما هو شر من الإعدام لقوم يعقلون ويشعرون. ففظائعه الشنيعة التي توسل بها للوصول إلى غرضه القبيح كانت شر أعدائه.

وفظائعه تعدد ولا تعد، وأي شيء أفظع من تحويل العالم كله إلى ميدان حرب، فكيف سرت اليوم لا تجد سوى جنود تحشد، وعدد تعد، ومهمات تنقل، وخيول كسرب القطا تقرع بحوافرها الأرض، وتثير شر الحماسة في النفوس بعامل البغض، وسوى سيوف تلمع، ومدافع تصدع، ولا تسمع بسوى معارك تتطاحن فيها ملايين الرجال، كأنهم وحوش الأدغال، وفيها تتساقط القتلى بالألوف ومئاتها، حتى غصت بهم المقابر، وأتخمت النسور، وحتى استأنست الوحوش في فلواتها من كثرة شبعها، وبينها أنين الجرحى المهشمي الأعضاء المقطعي الآمال؛ يفتت الأكباد لمن لهم أكباد، ويحرق الفؤاد لمن له فؤاد، وعليها تتناثر دموع الثكالى والأيامى من آماق مقرحة فوق أشباح تجلببت بالسواد، كأن العالم كله في مأتم، وكأن الناس جميعهم في حداد، هذا عدا عن الفظائع التي ارتكبت في الناس الآمنين من نساء وعجائز وأطفال اعتداء وصلفا، كأن الحرب والأذى غاية الإنسان من هذا الوجود المنكود، ومن سبب كل ذلك غير هذا العاتي الشرير وشهواته القبيحة؟

بل أي شيء أفظع من تحويل العلم عن غاياته الجميلة النبيلة التي يقصد منها تخفيف المشاق عن البشر في حياتهم التعبة القصيرة إلى أقبح أوجه استعماله؟ فصار آلة للدمار بعد أن كان يرجى للعمار، ومن الذي حول العلم إلى هذا الغرض الشنيع غير هذا الظالم الغاشم؟

والغريب أنه وجد بين علمائه الأعلام أناسا خربي الذمم، شنيعي المقاصد، دنسوا اسم العلم وسلحوه بالغازات الخانقة، والنيران الحارقة يقذفونها على الناس والمدائن؛ ليمعن في التقتيل والتدمير، وهو بحمقه يطلب النصر من ورائها، وإخضاع الأمم له، وما هي من عوامل النصر في شيء، بل هي من عوامل الانتقام الكامن في نفوس اللئام، بل أي نصر يرتجى من ضرب المدن الغير المحاربة، والفتك بناسها الآمنين بطياراته، وتغريق السفن التجارية بغواصاته؟ وفيها من الناس العزل من السلاح، الساعين في مناكبها من رجال ونساء وأطفال، من لا يرضى لهم أذى أي جبار ذي نفس أبية، ولكن ماذا يعمل العلم «إذا كان الطباع طباع سوء»، بل ما ذنب الآثار التي وجه إليها مدافعه الضخمة ودمرها تدميرا، وهي فخر الاجتماع على مدى العصور؟ وما دمرها إلا لأنها آثار سواه، وهو لا يفتخر إلا بآثار همجيته، والمضحك المبكي منه اعتذاره لتبرئة نفسه - كأن به بقية حياء - «إن هذه الآثار كانت ثكنات للجنود وقلاعا للمدافع.» فهل جنت الأمم حتى تعرض آثارها للتدمير؟ وهي لعمري منه اعتذارات وحجج تأنفها صبيان الاجتماع، فكيفما قلبتم أعمال هذا الرجل، فإنكم لا تجدون عقابا له يفي بفظائعها، وعندي أن أعظم عقاب له على جنايته هذه الكبرى، لا القتل، ولا النشر، ولا التعذيب بكل أنواع عذابات ديوان التفتيش، بل بمقاومته بما كان يصبو إليه، وهو السيادة والشهرة، ولا سيما هذه الأخيرة؛ لأنه يصبو إلى أن يقرع فيها كل من تقدمه، فيحذف اسمه واسم بيته من التاريخ، ولو بشناعاتهم - لاحظوا عليه امتعاضه عند سماعه ذلك - ثم يترك طريدا شريدا، فيجهله كل إنسان، أما أمته فعقابها أن يذكر التاريخ لها كل هذه الفظائع بدون أدنى إشارة إلى من ملكها من هذا البيت، وأن تجزأ ممالك صغيرة ليأمن العالم شرها، وتنقطع هي نفسها لاستثمار مواهبها النافعة عساها إذا تفرغت لها أن تنفع المجتمع نفعا كبيرا.

هذا ما يشكو الاجتماع منه، وما يرتئيه في هذا المجرم الكبير وأمته، عرضناه على حضراتكم، أيها السادة الكرام، ورأيكم الموفق فوق كل رأي.

الرئيس :

هل للمتهم دفع؟

المحامي عن الجاني :

أيها القضاة المحترمون.

Bilinmeyen sayfa